السؤال
أنا امرأة متزوجة وعندي ثلاثة أطفال، ومقيمة في السعودية أنا وزوجي وأطفالي، أنا أعاني من زوجي الذي ظلمني كثيرا وأساء إلي كثيرا، بالرغم من أننا تزوجنا على حب وأكبر مشكلة هي أنه يكره أهلي و يحرمني حتى من الاتصال بهم، وأنا في بلد الغربة، وأيضا فهو يجبرني بأن أدفع معه نصف المصروف، بالرغم من أن راتبه أكثر من راتبي، ووصل به الأمر حديثا إلى الضرب والشتم، بكل صراحة أنا لحد الآن معه؛ لأني خائفة أنه يحرمني من أولادي، فهو في كل مرة يهددني بهم، ويقول لي أن أصررت على الطلاق أنا آخذ أولادي، أنا تعبت كثيرا، فأنا محرومة من أهلي ومحرومة من ظل رجل يهتم بي، فهو كثير العمل في البيت ولا يخصص وقتا لي ولأولاده، وطوال الوقت أمام الكمبيوتر، أنا أحس أني ضائعة، وأبحث عن حل يرضي الله، أرجوكم ساعدوني، فأنا لم أعد أحتمل، ولو لم أكن مؤمنة لانتحرت وتركت كل شيء، أنا أحب مصلحة أولادي قبل كل شيء، فهل أصبر على أذاه وإهاناته؟ أم أتخذ موقفا وأصر على الطلاق؟ وما هي إجراءات الطلاق للمقيمين في السعودية؟ وهل يجوز لي أن أبحث عن بيت آخر أسكن فيه؟ مع العلم أنه يهددني أنه يطردني من البيت.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا حال زوجك، فقد ظلم وأساء، لأنه مأمور بحسن العشرة، والإحسان إلى أهله، وتراجع الفتوى رقم: 63932، ومما يؤكد جفاءه، وقبح طبعه، ضربه إياك وشتمه لك، وحرمانك من الاتصال بأهلك، ومع ذلك كله إجبارك على إعطائه نصف راتبك، وليس له أخذ شيء منه بغير طيب نفس منك، وانظري الفتوى رقم: 69، والفتوى رقم: 42518، هذا مع التنبيه هنا إلى أن حسن المعاشرة بين الأصهار أمر مطلوب شرعا، وهو ما بيناه في الفتوى رقم: 65047، وإن لم يكن لزوجك مسوغ في منعك من الاتصال بأهلك فلك الاتصال بهم بغير علمه.
وزوجك مطالب بأن يعطي كل ذي حق حقه، فلا يفرط في حقك من أجل العمل في البيت، أو لأخذ حظ نفسه في الجلوس في الكمبيوتر وغير ذلك، فعليه أن يتقي الله ومراعاة جانب الإنصاف، وراجعي الفتوى رقم: 35645.
وقد أحسنت بصبرك عليه، ومراعاتك مصلحة أولادك، مع العلم بأن من كانت في مثل حالك لها الحق في طلب الطلاق، ولكن بلا شك قد لا تكون المصلحة دائما في الطلاق، ولا سيما عند وجود الأولاد. وقد ندب الله تعالى إلى الصلح عند نشوز الزوج فقال سبحانه: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ...الآية{النساء:128}، فنوصيك بالاستعانة بالله تعالى أولا، ثم بالعقلاء من الناس ليبذلوا له النصح، ويتحقق الصلح ويزول الإشكال من أصله، فإن تم ذلك فالحمد لله، وإلا فانظري في أمر الطلاق، فأنت في سعة من البقاء مع زوجك يدخلك في الحرج ويدفعك إلى التفكير في الانتحار، وحقا ليس من شأن المؤمنة أن تلجأ إلى هذا الفعل الشنيع الذي فيه خسران الدنيا والآخرة، وراجعي بخصوصه الفتوى رقم: 10397.
وإذا وقع الطلاق فحضانة الأولاد حق لك ما لم تتزوجي، فتنتقل حضانتهم إلى من هي أولى بهم بعدك كأمك مثلا، وانظري ترتيب الاستحقاق في الحضانة بالفتوى رقم 6256، ويمكن للزوجة طلب الطلاق من زوجها، فإن لم يستجب، أو خافت أن يهضمها حقوقها فلترفع الأمر إلى المحكمة الشرعية.
ولم نفهم ما تعنين بقولك في آخر السؤال: ( و هل يجوز لي أن أبحث عن بيت آخر...الخ) ولكن نقول: لا يجوز للزوجة الخروج من بيت زوجها إلا بإذنه ما لم يكن هنالك عذر شرعي كخوفها من اعتدائه عليها ونحو ذلك، فلها أن تنتقل إلى مكان تأمن فيه على نفسها، وإذا كانت معتدة من طلاق رجعي فإنها تعتد في بيت الزوجية فلا يجوز لها أن تخرج منه إلا لعذر شرعي أيضا، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 25969.
والله أعلم.