السؤال
هل يعتبر زوج الخالة محرما للسفر في المواصلات العامة، داخل نفس البلد، ولكن من محافظة لأخرى، لضرورة تتعلق بدراسة الماجستير ومعنا والدتي، وممكن أيضا مع ابنته بسيارتها الخاصة.مدة دراستي لم يبق منها إلا شهران، والمشرفون يطلبون مني السفر لمقابلتهم، ومحرمي الوحيد يعمل في خارج البلاد. فهل تعتبر ضرورة حفظ المال؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فزوج الخالة لا يُعد محرما، فلا يجوز له الخلوة بك، ولا بأمك. فلا يتأتى تخريج الحال المذكورة في السؤال، على كون هذا الرجل محرما لك في السفر، وإنما النظر هنا في مسأتين:
ـ الأولى: إذا توفر المحرم، ولكن بنفقة ومشقة، كما هو حال هذا السؤال، حيث يتكلف المحرم تكلفة سفره من البلد الذي هو فيها إلى بلدكم، وما يترتب على ذلك من تبعات في ترك عمله ونحو ذلك، وهذا ما نظنه عنته السائلة بقولها: (ضرورة حفظ المال)! فإن كان كذلك، وقلنا: لا يجوز لك السفر إلا مع ذي محرم، فإنه ينظر في اضطرارك إلى إكمال الدراسة أصلا، ثم إلى قدرتكم على تحمل هذه النفقات، فإن لم يكن إكمال الدراسة ضروريا، أو كان ذلك، ولكن بإمكانكم تحمل هذه النفقات دون إجحاف، فلا يباح السفر إلا مع ذي محرم؛ لعدم وجود الضرورة المبيحة للحرام. وراجعي في بيان حد هذه الضرورة الفتويين: 237319، 198199.
ـ والثانية: إذا كان هذا السفر آمنا لوجود رفقة صالحة موثوق فيها، تجتمع فيها السائلة وأمها مع ابنة خالتها، ومحرمها الذي هو أبوها ـ زوج خالة السائلة ـ في طريق مـأهول، وسفر قصير المدة، تتوفر فيه أسباب السلامة. فهل وجود ذلك يبيح لها السفر من غير ذي محرم؟
وجواب ذلك: أن أكثر أهل العلم لا يبيحون للمرأة في غير الضرورة مثل هذا السفر، لمسافة القصر إلا مع ذي محرم منها؛ لثبوت النهي النبوي عن سفر المرأة لمسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها. وهذا هو الراجح عندنا. وراجعي الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 122384، 121004، 117197، 98493. وقد رخص بعض أهل العلم في مثل الصورة الموصوفة سابقا؛ باعتبار توفر الحفظ المراد للمرأة في سفرها.
قال القاضي أبو بكر بن العربي في القبس في شرح موطأ مالك بن أنس: قال علماؤنا: فائدة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم المحرم: القيام بحفظ المرأَةِ والذبّ عنها، فإذا كانت رفقة مأمونة فيها نساء تآلفنَ، وكان الحفظُ موجودًا لهنَّ، فلما وجد المحرم فيهنَّ جاز السفر لهنَّ. اهـ.
وجاء في فتاوى الشيخ ابن جبرين: السفر الممنوع للمرأة هو مسيرة يوم وليلة، فإذا كان السفر أقل من يوم وليلة ولو في الطائرة، ولو في القطار، أو السيارة، فلا يدخل في النهي، فإن السفر المنهي عنه كون المرأة تركب بعيرًا أو نحوه، وتسلك طريقًا بعيدًا في الصحراء تبقى فيه عدة أيام تتعرض فيه لقطاع الطريق، وأهل الفحشاء، والمنكر، وتطول الغيبة فيه، فأما السفر على السيارة مع نسوة ثقات، ولمدة خمس ساعات، أو عشر ساعات، والطريق مسلوك بالذاهبين، والآيبين، وليس هناك خلوة، ومتى وصلت البلدة التي تعمل فيها، استقرت في سكن مناسب، ومع رفقة ملتزمات من النساء المحافظات على دينهن، فلا محذور في ذلك للأمن عليهن من المفسدين غالبًا، ولا يعتبر هذا سفرًا محرمًا ... اهـ.
والأخذ بالأيسر من أقوال المعتبرين من أهل العلم عند الحاجة لا حرج فيه، وراجعي في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 203266، 134759، 208624.
والله أعلم.