السؤال
لدي خلاف مع زوجتي نتج عنه أن ذهبت بها لبيت أهلها للزيارة، ولكنها لم تعد ترد على اتصالاتي، وأصبحت تضيق علي في رؤية أبنائي، وكان سبب الخلاف الرئيسي تدخلات أمها في حياتنا؛ حيث إنني عرفت بأن زوجتي تنقل لأمها خلافاتنا ومشاكلنا، ومع ذلك صفحت عنها أملًا في رجوعها واعتدالها، لا سيما أن بيننا طفلين، أكبرهما عنده أربع سنوات، والابن الآخر عنده سنتان، وعندما خرجت لأهلها انتظرتها ثلاثة أسابيع، ولكنها لم تبال بي، وأصبحت تخرج دون إذن وهي في بيت أهلها، وتحضر المناسبات ولا تبالي، مما اضطرني أن أرفع عليها دعوى نشوز بالمحكمة، وعندما جلسنا أمام القاضي ادعت عليّ بسوء العشرة والبخل، مع العلم أنني أوفر لها كافة مطالبها المعقولة والضرورية، ولما سألها القاضي: ماذا تريدين للرجوع؟ اشترطت ثلاثة شروط، فوافقت على اثنين منها، ورفضت الثالث، وهو: إحضار الخادمة. مع العلم أنها غير موظفة، وليس هناك عمل كثير في المنزل، فحاولت أن أتعقل معها، وعرضت عليها مبلغًا من أجل الرجوع، ومن أجل الأبناء، لكنها رفضت الرجوع إلا بخادمة، فما رأيكم؛ هل أطلقها أم أتركها وأرتبط بزوجة أخرى؟
أريد رأيًا سديدًا تجاه الموضوع.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دامت المسألة رفعت إلى القاضي الشرعي فهو الذي يفصل في النزاع.
أما من حيث النصيحة بخصوص تطليق الزوجة أو إبقائها والزواج بأخرى: فلا يجوز لك أن تبقي امرأتك في عصمتك وتمنعها حقوقها من غير أن يكون منها نشوز؛ قال تعالى: {... فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ.. } [النساء: 129].
وإذا تزوجت عليها فالواجب عليك العدل بين زوجاتك، وذلك بأن تسوي بينهن في القسم إلا أن ترضى إحداهن بالتنازل عن بعض حقها لغيرها.
وأما الطلاق: فهو مباح إذا كان لحاجة؛ قال ابن قدامة -رحمه الله- عند كلامه على أقسام الطلاق: "والثالث: مباح، وهو عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها، والتضرر بها من غير حصول الغرض بها ..." المغني - (8 / 235).
لكن الأولى أن تسعى في استصلاحها، ولعل الله أن يجعل لك فيها خيرًا، قال تعالى: { .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } [النساء: 19].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً؛ إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ. صحيح مسلم. قال النووي -رحمه الله-: أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا، بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ، لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ، أَوْ جَمِيلَةٌ، أَوْ عَفِيفَةٌ، أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.