الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تصرف الأحفاد في مال جدتهم بغير علمها

السؤال

كان عند جدتي منزل، فباعته بعد ما تعبت، واشترت منزلًا وكتبته لأمي باسمها، وبقي لديها مال بعد بيع منزلها قرابة مائتي ألف، فأخذنا مائة ألف واشترينا سيارة، لأننا لا نملك سيارة تقضي أمورنا المهمة، والمائة الأخرى اشترينا أثاثًا للمنزل، طبعًا هي قررت السكن والعيش عندنا، لأنها كانت سابقًا ليست في منطقتنا، وخصوصًا أنها أصبحت كبيرة في السن؛ حيث إنها أصبحت في الـ 80 من عمرها، وهي وحيدة ولا يوجد لديها غير ابنتها التي هي أمي، وعلمًا أنها الآن عندنا ونأكل ونشرب سويًّا، وأيضًا ليس الانتفاع بالسيارة لنا فقط، بل تسافر وتخرج ويذهب بها إخواني للمستشفى معنا بهذه السيارة، علمًا أنه لا يستطيع إخوتي إخبارها بأنهم فعلوا ذلك؛ لأنه يمكن أن يرتفع السكر والضغط، وربما تصاب بشيء فهي تحاسبنا بالريال، ولم تقرر بيع منزلها إلا بعد أن تعبت بشدة ولم تعد قادرة على خدمة نفسها وتحتاج رعاية، علمًا أنه في السابق لم يكن لدينا منزل ولا سيارة إلا سيارة لأخي كان في منطقة أخرى للدراسة، علمًا أني أعطيها مبلغًا قدره ألف ريال بحجة أنه دَين عليّ لها لأنه كان لها دَين بسيط عليّ، لكني في نيتي أقساط بسيطة لسيارة، وأيضًا أعطيها مبلغًا بسيطًا إذا ذهبت بهذه السيارة أي مشوار وأعتبره ثمن هذا المشوار، لا أستطيع إخبارها، وطبعًا اتفقت مع إخواني أن نرجع لها هذه المبالغ، وإن شاء الله في نيتنا إرجاع المبالغ، فهل عليّ إثم لأني لم أخبرها؟ وهل تبرأ ذمتي ببعض ما أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر أن هذه الجدة ما زالت تميز وتعقل الأمور، وبالتالي؛ لا يجوز التصرف في مالها أي تصرف دون إذنها، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ. رواه البيهقي، وغيره، وصححه الألباني.

ومن ثم فإن شراءكم من مالها سيارة أو غيرها تعدٍ على مالها، ولا يجوز لكم فعله، ولا يبرره ما ذكرت من الحاجة ونحوها، ما لم تأذن لكم فيه، فعليكم التوبة إلى الله تعالى من ذلك، والمبادرة إلى رد المال فورًا إليها أو استئذانها بشأنه، فإن خشيتم أن يصيبها ضرر إذا علمت بما حصل فلا تخبروها، ولكن أرجعوا لها المال بأي وسيلة.

وإذا كانت لا تميز شيئًا فإن إذنها لا يعتبر، وقد سبق حكم التصرف في مالها -حينئذ- في الفتوى رقم: 142143، فلتراجع.

ونود التنبيه إلى أن كتابتها المنزل باسم بنتها (أمكم) لا يكفي لاختصاصها به، إذ يشترط في الهبة أن يقبضها الموهوب له في حياة الواهب، فإن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فلو مات الواهب قبل قبض الموهوب له للهبة فإنها تصبح مالًا للورثة, كما بيناه في الفتوى رقم: 100430.

والقبض لا يحصل بمجرد الكتابة، ولمعرفة ما يحصل به قبض الموهوب له للهبة، راجعي هاتين الفتويين: 59810، 59583.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني