الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الانتقال من عمل محرم إلى عمل محرم آخر لزيادة راتبه واستقراره

السؤال

أعمل محاسبا في شركة، تعمل في مجال تأجير ما تمتلكه من مباني للشركات، والمكاتب، والبنوك، والمحلات، ومنها محلات مشروبات يمكن أن تقدم الخمور، وتؤجر مبنى كاملا من مبانيها لفندق، ومن الممكن أيضا أن تقدم فيه الخمور.
مع العلم أن عملي يتطلب التعامل مع فوائد حساباتنا في البنوك، ومع العلم أيضا أن جزءا من ملكية الشركة هي لبنك تجاري.
الآن لا أعلم إذا كان عملي حلالا أم لا، وأبي وأمي يشيران على بإلحاح بأن أتقدم لفرصة عمل متاحة الآن كمحاسب في بنك تجاري، أو شركة تأمين تجاري، بحجة أن هناك استقرارا أكثر فيهما، وأن الكثيرين يعملون فيهما؛ لأن هذه هي طبيعة مجالي، وحتى إن كان العمل فيهما حراما، فإن عملي الآن أيضا هو حرام، ولكن البنوك مرتباتها أعلى، فلم لا أترك عملي، وأعمل في بنك، أو شركة تأمين، خصوصا أن سني كبير على البنوك، وإن لم ألتحق بها الآن فالفرصة ضئيلة، أو معدومة بعد ذلك؟
سؤالي هو: هل عملي الآن حلال؟ وإذا عملت في البنوك، أو شركات التأمين بالرغم من رواتبها العالية، فسيصبح عملي حراما،
أم من الممكن أن أعمل في بنك، أو شركة تأمين تجاري، وأترك عملي؛ لأنهما سواء في الحرمة. فلم لا أتقاضى راتبا أكبر، مع بيئة أكثر استقرار؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالعمل بالشركة المذكورة فيه تفصيل، فما كان منه قاصرا على معاملاتها المباحة، فلا حرج فيه، حتى وإن كانت الشركة، أو جزء منها ملكا للبنك، وإن كان تركه أفضل.

أما إن تضمن العمل الإعانة على معاملات محرمة، كتأجير المباني للمؤسسات الربوية، وأماكن بيع المحرمات، وممارسة الفسق والفجور، فهذا عمل محرم.

وانظر الفتاوى أرقام: 147819، 143331 ، 285922 وإحالاتها.
وبخصوص التعامل مع فوائد البنوك راجع الفتويين: 136597، 28330 وما أحيل عليه فيهما.
وحيث كان عملك يستلزم وقوعك في أمور محرمة، أو الإعانة عليها بوجه من الوجوه، فالواجب عليك حينئذ تركه، والبحث عن عمل آخر مباح، لا استبدال محرم بمحرم آخر. ولا خير في زيادة راتب محرم.
ومن ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].

وبشأن العمل في بنك ربوي، راجع الفتوى رقم: 288691، وبخصوص العمل في شركة تأمين تجاري، راجع الفتوى رقم: 123769.

وكون الراتب في البنك الربوي، أو شركة التأمين التجاري مرتفعا، والعمل فيهما يحقق الاستقرار، فهذا لا يسوغ العمل فيهما، كما لا يسوغه إلحاح الوالدين؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق - جل وعلا-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني