السؤال
صديقتي تزوجت من شاب أحبته كثيرًا، ولهما تقريبًا أربع سنوات مع بعضهما، وهو أقل منها سنًّا -تقريبًا 3 سنوات أو4 سنوات-، تزوجته بدون علم أهلها، ودخل بها، والعقد لم يشهد عليه أحد، ولم يكتب فيه مهر أو أي شروط، مجرد ذكرت الشروط شفهيًّا لعلمها بظروفه المادية أنها ليست جيدة، أقنعها بفكرة الزواج مع أنها كانت رافضة، وأقنعها بأن الزواج صحيح، وسوف يكون مجرد فترة وبعدها سيثبت الزواج بشكل رسمي. وبعدها أتى أهله لخطبتها، وبعد ذلك أهل الابن رفضوا هذا الزواج دون سبب واضح، وما زال الابن يحاول معهم بشتى الطرق، وما زال رفضهم، علمًا أن أهل البنت لم يرفضوا.
وأيضًا قد أتى لخطبتها أناس كثير، ولكنها كانت ترفض لأنها تقول: "لا أستطيع الزواج لأني متزوجة، وأهلي لا يعلمون بذلك". وأهلها في حيرة من أمرها حيث إنهم غاضبون منها جدًّا.
فهل زواجها باطل أم صحيح؟ وماذا يتوجب عليها عمله؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنكاح له شروطه وأركانه التي لا يتم إلا بها، ومن أهمها: الصيغة -وهي: الإيجاب والقبول-، وكذا الولي، والشهود، وقد بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 7704.
فالصورة المذكورة بالسؤال ليست نكاحًا وإنما هو سفاح. ولا تستحل الفروج بمثل هذا التلاعب، فشأنها عظيم، ولذا ذكر الفقهاء أن الأصل في الأبضاع التحريم، وجعلوا هذا ضابطًا من الضوابط الفقهية.
والنكاح من شعائر الدين العظيمة، بيّن رب العزة والجلال أنه آية من آياته فقال: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}، ولشرفه وسمو قدره سماه -سبحانه وتعالى- بالميثاق الغليظ حيث قال: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}، فأمرٌ هذا حاله كيف يجعل عرضة للاستخفاف به؟!
فالحاصل: أن هذا النكاح الذي تم دون ولي على ما يبدو ودون شهود لا يصلح نكاحًا؛ فيجب عليهما أن يفترقا، وإن أقدما عليه مع علمهما بتحريمه فالواجب عليهما التوبة، وشروطها مضمّنة في الفتوى رقم: 5450، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 17568.
وإن رغبا في النكاح فيجب أن يكون مستوفيًا شروط الصحة التي سبقت الإشارة إليها.
وإن لم يمكن هذا الشاب أن يقنع أهله بالموافقة على نكاحها فليدعها ويبحث عن غيرها، فالأصل وجوب طاعته والديه، إلا إذا خشي على نفسه مفسدة بعدم نكاحها، كما بيّنّا في الفتوى رقم: 93194.
وننبه إلى أنه لا يشترط لصحة الزواج أن يتضمن شروطًا، وعدم تسمية المهر لا يتوقف عليه صحة النكاح، وتستحق المرأة في هذه الحالة مهر المثل كما ذكر أهل العلم، وقد بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 80278.
والله أعلم.