السؤال
عندما كنت صغيرًا قبل البلوغ زنيت مع أختي، وبعد البلوغ أيضًا زنيت معها، لكني -الحمد لله- تبت إلى الله، وهي أيضًا تابت -ولله الحمد-، ولم يحصل بيننا شيء منذ فترة طويلة، وفي رمضان حاولت أن أفعل معها شيئًا، ولكن لم يحصل لا زنا، ولا مقدماته؛ لأني حاولت أن أثير انتباهها لأزني معها، ولم تقل لي شيئًا، ولم تفعل شيئًا، لكنها تجاهلتني فقط، ومن ثم تبت أنا مرة أخرى -أسأل الله الثبات-.
و هي متزوجة الآن، ولديها بنت، ولديّ بعض الأسئلة:
1- هل الخلوة معها حرام؟ وهل يجب أن تلبس النقاب، وتحتجب عني؟ علمًا أني لا أستطيع فعل ذلك؛ لأن أهلي سوف يعلمون بما حصل، وسوف تكون مشكلة أكبر، فهل عليّ إثم إذا اختليت معها، أو رأيتها دون نقاب، أو غطاء، أو حجاب؟
2- هل يجوز الجلوس مع بنتها دون حجاب، أو غطاء، أو نقاب، والاختلاء بها إذا كبرت وبلغت أم لا؟
3- هل يجب أن أستسمح منها، وأبرئ ذمتي من الأشياء الحرام التي أخبرتها بها، والتي حصلت بيننا؟ أم ‘ن التوبة تكفي، ولا أتكلم معها عن هذا الموضوع؛ درءًا للفتنة؟ وهل عليّ إثم لو زنتْ -مثلًا- والعياذ بالله؟
4- هل القرابة تكون موجودة بيننا، بحيث يتزوج أبنائي من بناتها، وأبناؤها من بناتي، وهكذا؟ أم إن القرابة تسقط، ولا تكون أختي، ولا يجوز تزويج بناتي من أبنائها، ولا أبنائي من بناتها؟
5- هل تكون هي عمة أبنائي، وبناتي، وأنا خال أبنائها وبناتها؟ أم إن القرابة تسقط بالكلية بيننا؟
6- هل هناك شيء آخر تغير بعد أن حصل الزنا بيننا حتى أعلمه، ولا أقع في الحرام مرة أخرى؟
أعلم أني وضعت أكثر من سؤال، ولكن جميعها مرتبطة بنفس الفتوى، ولا يمكن فصلها؛ لذلك أرجو أن تجيبوا عنها كلها حتى تريحوني؛ لأني موسوس، ولم أجد الأجوبة الكافية عليها، وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجواب هذه الأسئلة سنجمله في النقاط التالية:
النقطة الأولى: أن ما أقدمت عليه من الزنا بأختك أمر فظيع، وفعل قبيح ينبئ عن انتكاس فطرة؛ إذ لا يتصور أن يفكر المسلم في الزنا بأخته، أو أي من محارمه، فضلًا عن أن يقدم على ذلك بالفعل، والمفترض في مثلك أن يكون غيورًا على عرضه، حاميًا له، لا معتديًا عليه، فالزنا بالمحارم من أشد أنواع الزنا، كما سبق أن بيّنّا في الفتوى رقم: 29514. ومما زاد الأمر قبحًا في هذه المرة الأخيرة أنك سعيت في هذه الفاحشة في زمان عظيم، وهو شهر رمضان، وفي هذا نوع من الانتهاك لحرمته.
وعلى كلٍّ؛ فقد أحسنت بالتوبة، ولتكن توبة نصوحًا تتوفر فيها شروطها، والتي قد بيناها في الفتوى رقم: 29785.
وإذا كانت أختك مطاوعة لك فهي التي جنت على نفسها، ولا حق لها عليك، يجب عليك استحلالها منه.
وإن أرغمتها عليه فالواجب عليك استحلالها، وإذا خشيت أن تترتب على ذلك مفسدة أعظم، فأكثر من الدعاء لها، وانظر الفتوى رقم: 18180. وهذا كله فيما كان من جناية بعد البلوغ.
وأما قبل البلوغ فلا تكليف، فلا يترتب إثم على ما فعلت معها، وراجع الفتوى رقم: 19005.
النقطة الثانية: إن كان قلبك متعلقًا بها، وتخشى أن تقع معها في الفاحشة مرة أخرى، فلا يجوز لك الخلوة بها، أو النظر إليها، ونحو ذلك، وإلا كنت آثمًا.
وإذا أحست منك بريبة فيجب عليها أن تعاملك معاملة الأجنبي؛ فتحتجب منك، ولا تمكنك من الخلوة بها، هذا هو الواجب في حقها على كل حال.
وينبغي أن يكون مثل هذا التصرف دافعًا لك إلى الحذر التام من هذه التصرفات السيئة.
وإذا كنت تخاف من الفضيحة بين أهلك فأولى أن تخاف من الفضيحة بين يدي رب العالمين، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 281965.
وحكمك مع ابنتها كحكمك مع أمها (أي: التفريق بين حال الريبة، وغيرها).
النقطة الثالثة: لو قُدّر أنها زنت مع غيرك، فلا إثم عليك في ذلك، فعلى نفسها جنت، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}، أي: لا تحمل نفس ذنب نفس أخرى.
ولا تأثير لفعل الفاحشة معها على قرابة النسب، فهي أختك، وتكون أنت خالًا لأولادها، وهي عمة لأولادك، ولا حرج في أن يتزوج أبناؤك من بناتها أو بناتك من أبنائها.
نسأل الله لنا، ولك العافية من كل سوء، وبلاء، ونوصيك بكثرة الابتهال إلى الله سبحانه، والتضرع إليه أن يرزقك العافية، ويقيك شر نفسك، وسوء عملك، وأن يبعدك عن هذه الوساوس، ويصرفك إلى ما ينفعك من أمر معاشك، ومعادك.
والله أعلم.