الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل مصممًا في موقع يحكي واقعًا افتراضيًا

السؤال

أنا أعمل على الإنترنت، ومن ضمن عملي العمل كوسيط مالي، فلو أن شخصًا لديه أموال على موقع "الباي بال" وهو موقع إلكتروني توفره المواقع الأخرى، سواء للدفع أم لاستلام الأموال، المهم هو أنني تعرفت إلى شخص يريد أن يسحب قيمة 400 دولار، وأن أقوم بتحويلها له عن طريق فودافون نقدًا، واتفقنا على سعر الدولار، وكل شيء، وأنا بدوري قمت بإعطائه إيميل الذي سيقوم بالتحويل إليه، وقام بالتحويل فعلًا، وقمت بتحويل المبلغ المتفق عليه، وبعد يومين طلب مني تحويل مبلغ آخر، فوافقت، ولكن فضولي دفعني لأن أسأله عن مصدر هذه الأموال حتى أعمل به أنا الآخر لما بها من مكاسب جيدة، فقال لي: إنه يعمل كمصمم على موقع أي أم فيو، والحياة الثانية.
فقمت بالبحث عن هذه المواقع، فوجدت أنها واقع افتراضي يصور واقعنا الحقيقي بكل شيء، بمعنى أن هناك شخصيات ثرية، وهذه تقوم بعمل شات مع بعضها، وهو يعمل مصمم أزياء، وإكسسوارات لهذه الشخصيات، ولكن بالبحث أيضًا على الإنترنت وجدت أن هذا الموقع مثل واقعنا، يحتوي على أشياء مخالفة لشريعتنا، كبيوت الدعارة، والأشياء الخليعة... إلخ .
عندما عدت لأسأله قال لي نصًّا: إنه لا يعمل بهذه الأشياء، وفي الأصل هو ليس لديه أي صلاحية ليعمل بهذه الأشياء، لا بد أن يكون أمريكي الجنسية لكي يكون قادرًا على التصميم، والبيع في هذه الأشياء المخالفة لشريعتنا، وهو يقوم بتصميم الأزياء، والإكسسوارات، والغرف، والديكور، وهكذا.
وقام بتزويدي برابط، هذا الرابط هو المتجر الخاص به الذي يقوم ببيع الأشياء للأشخاص الآخرين، أي أن هذا المتجر هو عرض لأعماله التي يقوم بها.
وللعلم أيضًا الأشخاص الذين يشترون منه يقومون بالتحويل إليه مباشرة، بحيث يتفقون على السعر، ومن ثم يقوم المشتري بتحويل المال إليه مباشرة، فلا يأخذ المال من هذا الموقع إلا نادرًا،.
هناك طريقة أخرى أيضًا يقوم بكسب المال منها، وهي بيع النقاط إلى عملائه، أو من يتفق معهم، مثال: كل شيء في هذا الموقع هو بالنقاط، فإذا كنت تريد شراء شيء فيجب أن يكون معك نقاط، وهذه النقاط إما أن تشحن رصيدك عن طريق الفيزا، أو عن طريق ال PayPal حتى تحصل على النقاط، فهو يقوم ببيع هذه النقاط إلى الأشخاص، مثلًا كل 1000 نقطة تساوي مبلغًا معينًا من النقاط حسب الاتفاق، وهذا هو معظم مصدر أمواله.
من أين يحصل هو على هذه النقاط الذي يبيعها؟
1ـ يشتريها من مصممين آخرين بسعر، وليكن أقل، ثم يبيعها بسعر أعلى.
2ـ عن طريق بيع منتجاته التي يصممها.
السؤال هنا: ما حكم وساطتي هذه هل هي حرام أم حلال؟ علمًا أن الوساطة تكون من خلال طرفين، فأقوم بإعطائه حساب صديق لي يقوم بالتحويل إليه، ومن ثم صديقي يقوم بتحويل المبلغ إليّ عبر فودافون نقدًا، ومن ثم أقوم أنا بتحويل المبلغ إلى الشخص رقم واحد (المصمم)، كل هذا وفقًا لأسعار اتفق عليها مسبقًا.
في حالة كونها حرامًا ماذا أفعل بالمكسب الذي كسبته؟ وهل عليّ أيضًا إبلاغ الوسيط الآخر بالأمر؟
وكان قد طلب مني خدمة أن أنشئ له حسابًا على موقع الباي بال حسابًا مفعلًا، وقمت بذلك، وأخدت الأجرة مقابل ذلك عن طريق تحويل المال لي عبر فودافون نقدًا. أفيدوني -أفادكم الله- حتى لا أقع في الحرام، شكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما يقوم به صاحبك في الموقع المذكور هو من باب الإعانة على المعاصي، وهو وإن كان يأثم بذلك، إلا أن ما يكتسبه من وراء ذلك ليس محرمًا على الراجح، وقد سبق الكلام على هذا في الفتوى رقم: 52995.

وحيث لم يثبت تحريم تلك الأموال، فلا نرى عليك حرجًا -إن شاء الله- في قيامك بالوساطة لتحويلها، طالما كانت عمليات التحويل منضبطة شرعًا، وانظر الفتوى رقم: 175545. وراجع ضوابط تحويل العملات ومصارفتها في هاتين الفتويين: 3708، 107791.

أما بخصوص قيامك بإنشاء حساب له، فحيث غلب على ظنك أنه سيستعمل في أمور محرمة، فلا يجوز لك إنشاؤه؛ لدخول ذلك في التعاون على الإثم، والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

وأما أجرتك من وراء ذلك فلا حرج فيها على الراجح؛ لما تقدم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني