الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين الوظيفة المباحة والمحرمة

السؤال

جزاكم الله خيرًا على ما تقدمونه من جهد، وعلم - بارك الله فيكم، وزادكم علمًا، ونفع بكم-.
هناك مسألة تحيرني، وقد قرأت فتواكم بخصوصها في أكثر من موضع على موقعكم المبارك، وما يحيرني التباس الفهم عندي؛ لأن هناك صورتين في المسألة، أعجز عن الفصل بينهما، وهما:
الصورة الأولى: لو أن شركة تتاجر مثلًا في لحم الخنزير، أو الخمور، فالبيع هنا محرم، وعليه؛ فكل من يعمل بالشركة، سواء في قسم التخزين، أو نقل المنتج المباع للتجار، عمله حرام، ومدار فتواكم على مثل هذا المثال، هي عدم جواز العمل في أي قسم من أقسام تلك الشركة.
الصورة الثانية: لو أن شركة تعمل في بيع سلعة مباحة "إسمنت، أو حديد، أو غيره من المباحات" ولكنها تضع في عقودها شروطًا فاسدة، كغرامات تأخير، وخطابات ضمان، فالبيع هنا محرم كذلك "بحسب فهمي" ولكني رأيت فتواكم قد اختلفت عن الصورة الأولى، برغم اشتراك الصورتين في أن البيع محرم، فكانت فتواكم في الصورة الثانية، أن من يعمل في قسم التخزين، أو نقل السلعة المباعة للمشترى، أو أي قسم آخر، يكون بعيدًا عن قسم تحرير تلك العقود المحرمة، فلا حرج عليه، وعمله حلال، طالما كان بعيدًا عن تحرير تلك العقود المحرمة.
فأرجو توضيح الفرق بين الصورتين؛ ليستقيم فهمي -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالضابط في مثل هذه المسائل، هو النظر إلى العمل الذي يؤديه الشخص، فإذا كان عملًا حرامًا، أو فيه إعانة على الحرام، فلا يجوز له أن يعمله؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

وإن لم يكن كذلك، فلا شيء فيه؛ لأن الأصل الإباحة، والجواز.

ولا فرق في هذا بين شركة تبيع الخمور، وأخرى تضع في عقودها شروطًا فاسدة، فأي منهما يطبق على "العمل فيها" ما ذُكر.

وبهذا يتبين أن قولك: "إن العمل في أي قسم من أقسام الشركة التي تتاجر في الخمور، أو لحم الخنازير حرام" ليس على إطلاقه، بل إنه إذا كان لها قسم يختص بأمور مباحة، وليس في العمل فيه إعانة على بيع الخمر، أو تخزينها، أو نحو ذلك، فلا يحرم العمل فيه، وانظر الفتوى رقم: 74578.

وهكذا الحال بالنسبة للشركة التي تشترط شروطًا محرمة، فإنه لا يجوز العمل في إبرام العقود المشتملة على تلك الشروط، وأما العمل فيما لا علاقة له بذلك، فيبقى على أصل الجواز، وانظر الفتوى رقم: 294796.

وبهذا، نرجو أن يكون قد زال عنك اللبس، الحاصل في هذا الموضوع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني