السؤال
أنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري، وأريد أن أسأل عن أمر تهمني كثيرًا معرفة إجابته؛ لأني أوشك على الجنون من كثرة التفكير.
أولًا: أنا أكبر إخوتي، وطالما أحبني أبي كثيرًا؛ لأني كنت دائمًا متميزة في دراستي، وقد أرادني أن أكون دكتورة، وكنت أقول له: إن شاء الله سأكون، وعندما وصلت للصف الثالث الثانوي، لم تكن لدي أي رغبة في الدراسة أبدًا، أو في أن أكون دكتورة، وأظل أسأل نفسي: لماذا أبي يريدني أن أكون طبيبة؟ وكنت أعرف الإجابة: فقد كان أبي مثل عامة الناس يرى أن الطبيبة تحصل على احترام الناس، والمال الكثير، والزوج المناسب، وهذا الشيء زادني كرهًا لهذه المهنة، وقد كنت أجاهد نفسي كثيرًا لأدرس، ولكني لم أستطع، وجاءت الامتحانات، واضطررت أن أدرس في الآونة الأخيرة، ولكن لا أعلم ماذا حدث لي في الامتحان، فلم أحصل على مجموع أبدًا، وعندما راجعت ورقي لأرى سبب تناقص درجاتي، فوجئت أن هناك أسئلة لم أحلها أبدًا، كأني لم أكن في وعيي أثناء الامتحان، وصدم أبي كثيرًا، وظل يخبرني أني قضيت على حياته، ودمرته، في الواقع لم أكن أتأثر بكلامه أبدًا، بل كنت أقول: إنه يجب أن يجعلني أدخل المجال الذي أحبه، لا أن يرغمني على شيء لا أريده، وكنت أتذكر مواقف كثيرة سيئة منه، وأنه لم يربِّنا قط، وكنت أقول: إنه يحب نفسه أكثر مما يحبنا بكثير، وأراد أن يدخلني كلية الصيدلة في جامعة خاصة؛ فاعترضت، وقلت: لا، وكان بداخلي صراع بين طاعة الوالدين، أو ملاحقة أحلامي؛ لأني أردت أن أدخل كلية التجارة؛ لأن هذا ما قسمه لي الله، وكنت أقول: إذا كان يحبني، فلن يجبرني على أن أكون في مكان أكرهه، وإن أطعته فسأظل أندم طيلة حياتي، ولكن بعد ذلك مرض أبي بشدة؛ لأن الطبيب وصف له دواء خاطئًا، قضى على كبده، وجعله مصابًا بالتليف، ولم نكتشف إلا والمرض في مراحله المتأخرة، وبعد معاناة شهر مع المرض، توفاه الله، توفاه وهو غاضب مني؛ لأني خالفته، ولم أطعه، ولأني دمرت أمنيته، وحلمه الذي رآه فيّ، وأظل أسمع أمي تقول: إني السبب في موته، وإني أضعفت مناعته، فلم يتحمل وتوفي، ولكنه بالفعل كان مريضًا، وأنا الآن لا أدري ماذا أفعل؟ ونادمة؛ لأني أغضبته، وأني السبب في موته، رغم أن الأطباء لم يذكروا أن موته كان إثر صدمة، ولكن هناك شعور بالذنب داخلي يقتلني، ويعيقني عن التقدم، ويجعلني خائفة من ربي؛ لأني ارتكبت ذنبًا كهذا، وعصيت أبي، خائفة أن أصلي، وأريد الآن أن أعرف هل أذنبت حقًّا في حق أبي؟ وإذا كنت قد أذنبت فكيف السبيل إلى تصحيح خطئي، وجعله فخورًا بي، كما كان في السابق؟ آسفة على الإطالة، وشكرا.