السؤال
أصبحت أتردَّد كثيراً في الكتابة إليكم؛ لعلمي أنِّي قد أثقلت عليكم بالأسئلة، وبأنَّكم قد لا تجيبوني؛ فأسألكم بالله أن لا تُأخِّروا الإجابة هذه المرة، وأن لا تبخلوا عليَّ بما علَّمكم الله.
عطفاً على سؤالي الأخير حول نفس المسألة، والَّذي كنتم قد أجبتم عنه في الفتوى رقم: (325834-حكم طلاق المصاب بوسواس قهريٍّ) بفتوى صريحة؛ فقد حاك في نفسي أنِّي لم أكن أعاني حينها من وسواس الطَّلاق، وإنَّما من ضيق الصَّدر النَّاتج عن الوسوسة في شؤوني الأخرى، ولتفادي هذه الإشكاليَّة، ومنعاً للَّبس؛ كنت قد أرسلت إليكم بسؤال آخر، والَّذي أجبتموني عنه في الفتوى رقم: (328885)، وقد كانت الإجابة مبهمة، وكنت أرجو أن تكون الإجابة صريحة لا لبس فيها.
فهل أعمل بمقتضى ما أفتيتموني به، في الفتوى رقم: (325834-حكم طلاق المصاب بوسواس قهريٍّ) من عدم وقوع طلاقي، بناء على قرينة الوسوسة، وإن لم أكن أعاني حينها من وسواس الطَّلاق؟
وهل عليَّ من حرج في عدولي عن الفتوى إلى غيرها في الحالة الخامسة؛ فلم أعلم حينها أنَّ في جواز الرُّجوع عنها خلافاً، غير أنِّي قد علمتُ مؤخَّراً أنَّ من قلَّد مجتهداً، فليس له أن يعدل عن رأيه إلى غيره في نفس النَّازلة، فينقض ما عمل به من قبل، وأنَّ في المسألة خلافاً بين أهل العلم، كما أنَّ لمن ابتلي بوسواس، أن يأخذ بأيسر أقوال أهل العلم في المسائل الخلافية، رفعاً للحرج، ودفعاً للوسوسة؛ أمَّا في حالتي؛ فلم أكن أعاني حينها من وسواس الطَّلاق، إلَّا أنِّي كنت مبتلى بوسواس آخر في المسألة؛ فلو كنت احتسبتها طلقة، عملاً بقول الجمهور؛ لهان عليَّ فراقها، ولربَّما قلت في نفسي: "إن احتسبتها طلقة؛ فلا حاجة لك بها؛ فطلِّقها واسترح"، فضلاً عن أنِّي أعاني الآن من وسواس الطَّلاق وبشدَّة؛ فلو عدت واحتسبتها على نفسي؛ لهان عليَّ فراقها كذلك، ولربَّما بدأت أوسوس بأيماني السَّابقة، وبنيَّتي فيها، وما وقع منها.
نفَعَ الله بكم، وبِعِلْمِكم، وجَزاكم عن أُمَّة الإسلام خيْر الجزاء.