السؤال
كنت أملك شركة من بين نشطاتها صيانة العتاد، فأتى إلي زبون وطلب مني تصليح مضخة من النوع القديم, فلم نستطع إصلاحها، وبعد مدة حلت هذه الشركة وبيعت ممتلكاتها، ووضعت هذه المضخة في مكان لأرجعها إلى صاحبها، ثم نسيتها حتى تلفت تماما, والتقيت مرة بصاحبها فطلب مني أن أعوضه بمبلغ أرى أنه بالغ فيه, والآن غيرت مكان إقامتي وانتقلت إلى بلدة أخرى بعيدة نوعا ما، ولكنني أزور مكان إقامتي السابق باستمرار, وقد سألت عدة مرات عن هذا الشخص لكي نصفي الحساب، لكنني لم أتمكن من الاتصال به حتى الآن، فهل يجب أن أعطيه المبلغ الذي طلبه, أم أقيم المضخة حسب سعر السوق؟ وإن كان الأخير، فهل سعر السوق عند استلامها أم حاليا؟ وهل يتم التقييم على أساس أنها مضخة تالفة أم جديدة؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنشاط التي تقوم به شركتك من صيانة المعدات ونحوها يندرج في ما يسمى بالأجير المشترك، وقد عرفه البهوتي في كشاف القناع بقوله: وَالأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ مَنْ قُدِّرَ نَفْعُهُ بِالْعَمَلِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ حَائِطٍ, وَحَمْلِ شَيْءٍ إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ، أَوْ عَلَى عَمَلٍ فِي مُدَّةٍ لا يَسْتَحِقُّ نَفْعَهُ فِي جَمِيعِهَا, كَالطَّبِيبِ وَنَحْوُهُ: الْكَحَّالُ، وَيَتَقَبَّلُ الأَعْمَالَ لِجَمَاعَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ يَعْمَلُ لَهُمْ, فَيَشْتَرِكُونَ فِي نَفْعِهِ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ مُشْتَرَكًا، فَتَتَعَلَّقُ الإِجَارَةُ بِذِمَّتِهِ لا بِعَيْنِهِ، وَلا يَسْتَحِقُّ الأُجْرَةَ إلا بِتَسْلِيمِ عَمَلِهِ دُونَ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ، بِخِلافِ الْخَاصِّ. انتهى.
وضمان الأجير المشترك للمتاع إذا تلف عنده محل خلاف وتفصيل عند أهل العلم، جاء في الموسوعة الفقهية: ضمان الأجير المشترك: اختلف الفقهاء في كون الأجير المشترك ضامنا لما يكون تحت يده من أعيان المستأجر على أربعة أقوال:
الأول: وهو التفريق بين ما تلف بفعل الأجير المشترك وبين ما تلف بغير فعله، بحيث إذا كان التلف بفعله فإنه يكون ضامنا له، سواء أكان متعديا أم غير متعد، قاصدا أم مخطئا، أما ما تلف بغير فعله، فلا يضمنه إن لم يكن منه تعد أو تفريط، وهذا هو رأي الحنابلة على الصحيح في المذهب، وقول أبي حنيفة، وقد خالفه في ذلك الصاحبان أبو يوسف ومحمد، وذهبا إلى تضمين الأجير المشترك بالقبض مطلقا، إلا إذا وقع التلف بسبب لا يمكنه الاحتراز عنه.
والثاني: للمالكية، وهو أن الأصل في يد الأجير المشترك أنها يد أمانة، ولكن لما فسد الناس وظهرت خيانة الأجراء ضمن الصناع وكل من تقتضي المصلحة العامة تضمينه من الأجراء المشتركين حيث تقوم به التهمة.
والثالث: للشافعية في الأظهر، وهو أن يد الأجير المشترك يد أمانة.
والرابع: قول لبعض الشافعية، وهو أن العين تدخل في ضمان الأجير المشترك بالقبض، فإن هلكت عنده وهو منفرد باليد، ضمن هلاكها ولو لم يتعد أو يفرط، وذلك لفساد الناس وخيانة الأجراء، أما إذا لم يكن الأجير منفردا باليد، فلا ضمان عليه عندئذ، لأن المال غير مسلم إليه حقيقة. اهـ.
وحيث إنك نسيت هذه المضخة ولم تسلمها لصاحبها حتى تلفت تماما ـ كما ذكرت ـ فإنك تضمن قيمتها، بغض النظر عن المبلغ الذي طلبه صاحبها كتعويض, ويكون تقدير القيمة لأهل الاختصاص، وتقدرُ القيمةُ بسعرها يوم تلفت عندك, قال ابن نجيم الحنفي: المتلَفُ بلا غصبٍ تعتبرُ قيمتهُ يوم التلف، ولا خلاف فيه.
وقال الشيخ الدردير المالكي: وتعتبر القيمةُ يوم التلف.
وقال النووي الشافعي: وإذا ضمن ففي القيمة المعتبرة أوجهٌ، أصحُها قيمتهُ يوم التلف.
وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي: فعليه ضمانهُ بقيمته يوم التلف، قاله القاضي، ولأن أحمدَ نصًّ عليه في الغصب.
والله أعلم.