السؤال
أحببت بنتًا قبل فترة، واستمرت علاقتنا سبعة أشهر، وتركتها قبل أيام؛ لإحساسي بالذنب الشديد، وأردت التوبة، ولأنها قالت: إن أهلها لن يوافقوا عليّ، والسبب أني من أصل يختلف عن أصلها، وحدثت في علاقتنا كثير من الأشياء الخاطئة، فأولها مواضيع الكلام في الهاتف، ومواضيع جنسية كبيرة علينا كمراهقين، وكنت أبعث لها صوري وأنا عارٍ، وكان السبب أننا في النهاية لبعض، ولا شيء في ذلك إن رأت جسمي، وأنا نادم ندمًا شديدًا على ما فعلته خلال فترة العلاقة، وبالأخص صوري وأنا عارٍ، وأتمنى لو رجع الزمن للوراء ولم أبعث لها الصور، وشعرت بالذنب، وتركتها لأتوب لربنا؛ لأنني وقعت في معصية، وهي أنني أحببت بغير الحلال، وكذا الصور، وأنا محرج كثيرًا من استشارة أهلي وعائلتي، ولم أجد غير موقعكم.
مشكلتي أني خائف من عدم قبول توبتي، وأن تسبب لي هذه البنت مشاكل كثيرة بسبب خطأ فعلته في الماضي، وقد تركتها، مع أنها كانت تحبني بجنون، لكن هذا الذنب لن يذهب إلى أن أتركها.
وقد نعتتني بالإنسان الكاذب، وقالت لي: ربنا لن يسامحك؛ لأنك جرحت قلب بنت، وقالت لي: سأنساك وأكرهك، وأنا خائف من أن تظل دعواتها تلاحقني، والسبب أني تركتها بأسلوب خاطئ، وقالت لي في اليوم الثاني يوم السبب الذي جعلني أتركها بأسلوب هجومي: لماذا فعلت معها كل هذا؟
وقد طلبت منها مسامحتي؛ لأني جرحتها، لكنها لم تقبل، وظلت تدعو عليّ؛ لأني أوجعتها في اليوم الماضي، لكن لم يكن أمامي خيار غير ذلك؛ لأنها لن تتركني بالتفاهم، وفهمتها موقفي في اليوم التالي، ولماذا فعلت كل هذا؟ أتمنى أن يرتاح بالي لردكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن العبد إذا ألمّ بذنب، فالمطلوب منه شرعًا أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، ولا شك في أن هذه العلاقات التي ذكرت، وما ترتب عليها من صور، ونحوها، محرمة شرعًا، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 11945، ورقم: 30003.
وقد أحسنت بندمك على ما فعلت، وتوبتك إلى الله تعالى، ونسأل المولى تبارك وتعالى أن يحفظك في مستقبل حياتك من الفتن ما ظهر منها، وما بطن، ولمزيد الفائدة راجع شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450.
وينبغي عليك السعي في تخليص هذه الصور منها، وإتلافها، فاجتهد وابذل الحيلة في ذلك، فإن عجزت فلا يضرك ذلك، وانظر الفتوى رقم: 344818.
وإن خشيت أن تفضحك، فتوجه إلى ربك وسله الستر، وادعه أن يكف عنك شرها، روى أحمد، وأبو داود عن عبد الله بن قيس -رضي الله عنه- أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قومًا قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
واعلم أن من تاب، تاب الله عليه، فأحسن الظن بربك، وكن على حذر من أن يوقعك الشيطان في القنوط من رحمة الله عز وجل، قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 1882.
ولا تعتبر ظالمًا بمجرد تركك لها، وقطعك هذه العلاقة معها.
وإن كان دعاؤها عليك بسبب ذلك، فنرجو أن لا يستجاب لها؛ لأنها دعوة بإثم، وقد جاء في الحديث في صحيح مسلم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يزال يستجاب للعبد، ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم.
ولا ندري حقيقة ما قلته لها فيما أسميته بالأسلوب الهجومي، وما جرحتها به، فإن كان سبًّا، أو افتراء عليها، ونحو ذلك مما فيه ظلم لها، فعليك أن تتوب، وتستسمحها، فإن لم تسامحك، فقد فعلت ما تستطيعه، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
والله أعلم.