الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قبول مساعدة من كسبه كله حرام في غير الأمور المالية

السؤال

ما حكم الاستفادة من شخص يعمل في عمل مُحرَّم، وأمواله كلها حرام، أي أنه يقتات كليةً من الحرام؟! فمثل هذا الشخص أنا لا آكل طعامه، ولا أقبل هداياه، ولكن ماذا لو كان هذا الشخص سببًا في حصولي على وظيفة مباحة لا شبهة فيها؟! فهل حينئذ تصبح هذه الوظيفة المباحة حرامًا؛ لأنها جاءت عن طريق هذا الشخص؟! فلولا هذا الشخص، الذي يقتات من الحرام، ولولا عمله الحرام، ما كنتُ قد تحصلت على هذه الوظيفة؟! (أي أنني استفدتُ، بشكل أو بآخر، من عمله الحرام). هذا المسألة تؤرقني بشدة، لأننا في حياتنا اليومية نتعامل مع أناس يشتغلون في وظائف مُحرَّمة، وتضطرنا الظروف إلى الاستفادة منهم، بشكل أو بآخر، حتى لو تجنبنا الأكل من طعامهم، أو قبول هداياهم، لكن هناك صور أخرى للاستفادة مثل مساعدتي في الحصول على وظيفة، أو إعلامي بوجود وظيفة متاحة، أو إعطائي معلومة أو فكرة قد تفيدني في عملي، أو مساعدتي في الحصول على منحة دراسية مباحة، وغير ذلك من الأمثلة. وهل هناك في تاريخنا الإسلامي، وكتب الفقه، أمثلة مشابهة يمكن أن نستأنس بها في هذه المسألة، فقد بحثتُ في المراجع الفقهية ولم أصل إلى مبتغاي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن كان كسبه كله من الحرام، لم تجز معاملته في ماله، كما سبق بيانه في عدة فتاوى، منها الفتويين: 6880، 7707. وأما معاملته في غير ماله والانتفاع به في غير الحرام، كالتوظف بشفاعته، والانتفاع بجاهه وإعانته، والاستفادة من علمه وخبرته، ونحو ذلك مما يفارق ماله الحرام، فالأصل أنه جائز، ما لم يكن فيه تنازل عن شيء من الدين، أو سبب للوقوع في معصية، ونحو ذلك مما لا يجوز. ولا ننتقل عن هذا الأصل إلا بدليل، ولا نعلم دليلا يحرم ذلك، وأما باب الورع فباب آخر غير الفتوى. ولا يخفى أن الوظيفة التي حصلها صاحبها بشفاعة مَنْ ماله حرام، أجرتها تكون على جهده وعمله، وليس لأجل ذات الشفاعة.
وأما السؤال عما يشابه ذلك في كتب الفقه وفي تاريخنا الإسلامي، فلا يحضرنا في خصوصه شيء. إلا أنا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عاش في كنف ورعاية عمه أبي طالب، ودخل صلى الله عليه وسلم مكة لما رجع من الطائف في جوار المطعم بن عدي. ولما خرج أبو بكر مهاجرا إلى الحبشة رجع إلى مكة، ودخلها في جوار ابن الدغنة سيد القارة. وهؤلاء ثلاثتهم مشركون. وراجع للفائدة الفتويين: 327640، 119429.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني