الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السكن المستقل من حقوق الزوجة

السؤال

أنا فتاة متزوجة منذ أكثر من سنتين. زوجي هو الابن الوحيد، ولديه ست أخوات، وسكنا معهم. قبل زواجي كنت أسمع الكثير من المديح بالنسبة لشكلي ومظهري وأخلاقي. لا أحاول مديح نفسي، ولكن مشكلتي أني عندما تزوجت كانت أم زوجي وأخواته، وخاصة أخته التي تزوجت معي في نفس اليوم دائمات النقد لي. وأظهرن فيّ عيوبا لم أكن أعلمها. حتى طبخي وطريقه تنظيفي لم يعجبهن. وأنا أعلم أنهن كن يتكلمن عني عند الناس، فهذا من طبعهن، وقد سمعتهن مرارا يتكلمن عن أناس حتى إن لم يؤذوهن، وقد سمعت حماتي تتكلم عني في الهاتف أكثر من مرة. والمشكله الأكبر كانت أن أم زوجي سببت لي كثيرا من المشاكل مع زوجي. وكانت المشاكل كلها حول أعمال البيت. ونحن نعيش في بيت متوسط من بيوت أمريكا. مع العلم أني من ثاني أسبوع بعد الزواج حتى آخر يوم عشته معهم كان الطبخ موكلا إليّ حتى في الشهور الأولى من حملي كنت أطبخ وأنا مرهقة، ولا أستطيع الأكل منه؛ لأني أكرهه. بل حتى عندما كنت أمرض أو لديّ مواعيد مع الطبيب يفضلن أن يبقين بغير أكل على أن تقوم إحداهن بالطبخ. وكنت أيضا أساعد في أعمال البيت قليلا. كل هذا وزوجي ساكت بل كان يقف بصفهن، ويهجرني أياما إذا شكت له أمه، وكان لا يصدقني أبدا. والله يشهد أني صبرت على أشياء كثيرة أخرى، وكنت دائمة السكوت ولا أرد عليهن؛ لدرجة أني أكره فيّ هذه السلبية. قبل أربعة أشهر أتت أخته المتزوجة، وسكنت عندنا لشهرين، عينت فيها نفسها حماة أخرى لي. وعاملتني فيها معاملة أسوأ من السنتين التي خلت. قد أكون مخطئة لكني كنت أشكو لأمي أو إحدى أخواتي عن ما يحصل لي، وأظن أنها سمعت إحدى هذه المكالمات، وسمعتني أقول إنها غير محترمة. وكبرت المشكلة، وكانت تشتمني بشتى الألفاظ، وتتهمني بأشياء كثيرة أمام والديها وهما ساكتان. أنا الآن في بيت أهلي، وأرفض العودة للعيش معهم. هم أناس مرتاحون ماديا، وزوجي يشتغل في مطعم أبيه ستة أيام في الأسبوع، وبدون مقابل غالبا. هو الآن يحاول أن يرضيني، وقد بدا عليه الندم، لكن أهله لا يدعونه. ماذا أفعل؟ فأنا لا أستطيع العيش معهم مرة أخرى، ثقتي بنفسي تحطمت تماما، وأصابتني أمراض من شدة القهر، فمعدتي تؤلمني باستمرار، ووزني نزل كثيرا. ومن جهة أخرى أريد زوجي. الأمر الآخر أني أشعر بالندم والذنب لأني جعلتهن يتمكن مني؛ ولأني نزلت إلى مستواهن بالكلام عليهن أمام أهلي مع أن هذا ليس من طبعي أبدا. أعتذر عن طول السؤال، ولكني كنت أريد أن أوضح لكم الأمور. وأرجو منكم الإجابة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن حقّك على زوجك أن يسكنك في مسكن مستقل، لا يشاركك فيه أحد من أهله، وليس له أن يجبرك على مساكنتهم في مسكن واحد.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ ( وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَقَارِبِ ) وَلِذَلِكَ يَكُونُ لِلزَّوْجَةِ الِامْتِنَاعُ عَن السُّكْنَى مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ; لِأَنَّ الِانْفِرَادَ بِمَسْكَنٍ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا حَقُّهَا , وَلَيْسَ لِأَحَدٍ جَبْرُهَا عَلَى ذَلِكَ . وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِن الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ . اهـ .
ولا يجب عليك خدمة أهل زوجك إلا أن تتبرعي بذلك، وراجعي الفتوى رقم: 33290.
والذي ننصحك به أن تتفاهمي مع زوجك، وتبيني له أنّ عليه أن يوفر لك مسكناً مستقلاً، لا تتعرضين فيه لأذى من أهله أو غيرهم، وأنّ عليه أن يبر والديه، ويصل رحمه دون أن يظلمك، أو يحملك فوق طاقتك.
فإن كان لا يقدر على توفير مسكن مستقل، واستطعت أن ترجعي للعيش مع أهله من غير إضرار بك فهذا حسن، وإلا فينبغي أن يتدخل حكم من أهله، وحكم من أهلك ليصلحا بينكما، أو يجدا حلا لمشكلتكما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني