السؤال
أنا متزوج منذ سنتين، وقبل زواجي بزوجتي كان أهلها يعرفون أنها ستسكن معي ومع أهلي، وبعد سنة اكتشفت أن زوجتي على علاقة مع شاب في برامج التواصل الاجتماعي، فنصحتها أن هذا حرام، ولا يجوز، وصفحت عنها، وسحبت الجوال منها، وأعطيتها جوالًا قديمًا (أبو كشاف)، وبعد ثلاثة أشهر اكتشفت أنها عاودت الاتصال به، فوبختها، ونصحتها، ووعدتني أنها لن تعود، وبعد ستة أشهر أعدت لها الجوال، وأرجعت لها ثقتي، واكتشفت بعد شهرين أنها على علاقة بنفس الشخص، فسببتها، وخرجت عن شعوري، وانصدمت بما يحدث، ثم هجرتها يومين، وصفحت عنها للمرة الثالثة؛ كي أحتسب الأجر والثواب من الله تعالى، وفي اليوم الرابع تفاجأت أنها اتصلت بأبيها، وخرجت من بيتي دون إذني، ثم ذهبت إلى أهلها، وقلت لأبيها: إنا متفقون، وقالت زوجتي: إني سببتها في عرضها وشرفها، ولم يكن هذا الكلام نابعًا مني إلا من غضب، وإني قد صفحت عنها، وقالت: لن أرجع البيت إلا إذا وفّرت لي شقة بعيدة عن أهلك، فأجبت أن حالتي لا تسمح أن أفتح شقة، وكيف أفتح شقة، وقد خانتني ثلاث مرات!؟ وقلت لها: لا مانع أن تأخذي شقة، وسنذهب إلى اليمن من أجل أن أعطيها شقة، فأبى الأب أن تخرج ابنته من السعودية، وهم مصرّون على أن أفتح شقة في المملكة، وحالتي لا تسمح، فأرجو منكم إرشادي للطريق الصحيح، وإفتائي من الناحية الشرعية، وهل يحق لها عدم السفر معي إلى بلادي؟ وهل واجب عليّ أن أفتح شقة في المملكة، مع أني أحبها.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت زوجتك -كما ذكرت- على علاقة مع هذا الشاب، وعلى تواصل معه، فهذا أمر خطير، وباب للفساد عظيم، ومدخل للشيطان، ومدعاة للفواحش.
فإن تابت من هذه العلاقة توبة نصوحًا، وصلح حالها، وحسنت سيرتها، فالحمد لله، وإلا فالأفضل فراقها، قال ابن قدامة في المغني، وهو يعدد أحكام الطلاق: والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل: الصلاة، ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة... اهـ. هذا أولًا.
ثانيًا: خروجها من البيت بغير إذنك منكر آخر؛ فلا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها بغير إذنه، إلا لسبب مشروع، كما بين أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى: 7996.
ومجرد سبك لها لا يسوّغ لها الخروج بغير إذنك، وخروجها -والحالة هذه- يعد نشوزًا، وقد بينا كيفية علاجه في الفتوى: 1103. ولمعرفة كيفية هجر الناشز، انظر الفتوى: 103280.
ثالثًا: من حق زوجتك المسكن المستقل، ولا يلزمها أن تسكن مع أهلك، إن لم يكن الجزء الذي تسكن فيه مستقلًّا تمامًا عنهم بمرافقه؛ لئلا تكون في حرج، وتضرر من الدخول عليها بغير إذن، ونحو ذلك، وراجع الفتوى: 66191.
فإن لم يكن البيت على هذا الوصف المناسب، فلها الحق في أن تمتنع من الرجوع للسكنى مع أهلك.
ومجرد كونها وأهلها على علم بكونها ستسكن مع أهلك، لا يلزمها بالسكنى معهم، وخاصة إن كانت متضررة بذلك.
ولا يشترط أن يكون المسكن مملوكًا لك، فلا حرج في الاستئجار، ونحوه، كما نص على ذلك الفقهاء، قال الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: ولا يشترط في المسكن كونه ملكه قطعًا، بل يجوز إسكانها في موقوف، ومستأجر، ومستعار. اهـ.
رابعًا: وإذا رغبت في الانتقال بها إلى بلدك، لم يكن لها الامتناع، وليس لوليها منعها، إلا إذا كان هنالك عذر شرعي، كشرط قبل الزواج بعدم الانتقال بها، وكذا إن كان طريق السفر، أو مكان الإقامة غير آمن، وراجع الفتوى: 1357، والفتوى: 72117.
ونوصي في الختام أن يكون هنالك تفاهم، واحترام بين الزوجين، وأن يقوم كل منهما بما يجب عليه تجاه الآخر، والعمل على ما يكون سببًا لاستقرار الأسرة.
وننصح بأن يتدخل العقلاء من أجل الإصلاح، عند الحاجة لذلك.
والله أعلم.