السؤال
اختلفت مع خطيبتي في بعض الأمور، وهي حدود طاعة الزوج، وهل يشترط اقتناع الزوجة بطلب زوجها للقيام به، مع العلم أن الطلب ليس فيه معصية لله، وهو في مقدورها فعله، مع النصح لها بالود والرحمة والمشاورة، وطاعة الزوج في الأمور الحياتية، إلى أي مدى تصل؟
من هذه الأمور التي أرجو توضيحها، طلبي منها عدم نشر شيء يثير الشبهات على الفيسبوك (فهي قامت بنشر صورة لممثلة متبرجة، وكتبت تعليقا بأن من المفروض أن نرتدي هذا الزي) وعندما أخبرتها أن هذا خطأ، قالت إنها تقصد ارتداء هذا الزي في المنزل. كذلك نشر أغان والتصريح بأنها معجبة بها على الفيس بوك، أو التحدث مع رجال أجانب حول فيلم أجنبي أعجبها، وغير ذلك من الأمور المثيرة لغيرة الزوج، فهي ترى أنه ليس من حق الزوج التدخل في ما تنشره على الفيس بوك. فهل هذا صحيح؟
من هذه الأمور أيضا طلبي منها عدم ركوبها مع زميل لها في سيارته الخاصة بدافع الغيرة، فأقول لها إن هناك بدائل مثل التاكسي مثلا، فهي تصر على هذا الأمر. فهل لها ذلك؟
فهي تشترط أن تقتنع بالأمر حتى تنفذه، وإلا فلن تنقذه. فهل هذا صحيح، وأين طاعة الزوج وقوامته إذن؟
من هذه الأمور أيضا إصرارها على الذهاب إلى أمها يوميا، وهذا صعب، مع العلم أني لن أمنعها من أهلها، مع العلم أن أباها وأمها منفصلان، وهي تعيش مع أمها، حيث إنها مرتبطة جدا بها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل الله للزوج القوامة على زوجته، وأوجب عليها طاعته في المعروف، وجعل حقّه عليها عظيما، ففي مستدرك الحاكم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله؛ أي الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال: «زوجها» قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال: «أمه».
وقال ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ، كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا، وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. انتهى.
وقال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها، ولا زيارة ونحوها، بل طاعة زوجها أحق. انتهى.
وطاعة الزوجة لزوجها في أمور النكاح وما يتعلق به؛ واجبة في غير معصية، ولا ضرر يقع عليها، ولا يشترط اقتناع الزوجة بالأمر، وراجع حدود طاعة الزوج في الفتوى: 144069
فمن ذلك أنّها لا تخرج من بيته لغير ضرورة إلا بإذنه، سواء أرادت زيارة أهلها أو غير ذلك، لكنّ بعض أهل العلم يرى أنّ الزوج لا يمنع زوجته من زيارة والديها بقدر متعارف؛ كمرة في الأسبوع، وانظري الفتوى: 110919
ومنها وجوب طاعته فيما يتعلق بصيانتها وغيرته عليها الغيرة المحمودة، فلا يأذن لها في ركوب سيارة مع زميلها في العمل، أو غيره من الأجانب. ويمنعها من محادثة الأجانب بغير حاجة، ويمنعها مما فيه فتنة لها، أو بها على مواقع التواصل، وكذلك يمنعها من نشر ما فيه معصية.
قال السعدي -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ {النساء:34}: قوامون عليهن: بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك. انتهى.
وراجع الفتوى: 166757
وننبه إلى أنّ الخاطب أجنبي عن مخطوبته ما دام لم يعقد عليها، وشأنه معها شأن الرجال الأجانب، وانظر الفتوى: 57291
والله أعلم.