السؤال
روى البخاري في صحيحه، من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن رسول لله صلى الله عليه وسلم قال لها: يا عَائِشَةُ، مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا، إنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَومَ القِيَامَةِ، مَن تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ.
السؤال: بعض الناس يقع عليهم ظلم حتى يخشون من التعامل، أو التحدث مع هذا الظالم اتقاءً لشره. فلما يرى الظالم ابتعاد المظلوم عنه واجتنابه له، يبتعد هو أيضا عن المظلوم، وقد يقع في نفسه هذا الحديث أنه يتقي المظلوم اتقاء لشره.
فنرجو التكرم بشرح الحديث، وخاصة هذه المسألة والتوسع في تلك المسألة تحديداً، وذكر أقوال العلماء فيها. وإن كان هناك أمثلة أو مواقف تاريخية كشواهد.
وجزاكم الله عنا خيراً، ونفع بكم البلاد والعباد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن حبان وغيرهم.
وشرح الحديث والتوسع فيه، وذكر الأمثلة. كل هذا مكانه كتب الشروح والرقائق، وليس الفتوى، فإن شئت فارجع إليها. وقد أخذ منه الفقهاء جواز غيبة الفاسق المعلن بفسقه والتحذير منه.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي الْحَدِيثِ جَوَازُ غَيْبَةِ الْمُعْلِنِ بِالْفِسْقِ أَوِ الْفُحْشِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْجَوْرِ فِي الْحُكْمِ، وَالدُّعَاءِ إِلَى الْبِدْعَةِ مَعَ جَوَازِ مُدَارَاتِهِمُ اتِّقَاءَ شَرِّهِمْ، مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى الْمُدَاهَنَةِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى. اهــ.
وما ذكرته من أن الظالم نفسه قد يظن أنه يتقي شر المظلوم، هذا لا عبرة به، فالظالم هو الآثم الذي يُشرع للناس اتقاء شره. والمظلوم صاحب حقٍّ، وإن صوره الظالم في صورة صاحب الشر الذي يُتَّقَى، فالعبرة بالحقائق.
والله أعلم.