السؤال
أتمنى أن يتسع صدركم لسماع مشكلتي.
كنت حاملا بالشهر ال 6، وابني كان مريضا بمرض خطير في القلب. حالة تأتي لطفل من كل 3000 طفل. حيث كانت شرايين قلبه معكوسة، مما ينتج عنه وصول ثاني أكسيد الكربون للجسم بدلا من الأكسجين، وهو الأمر الذي يترتب عليه ضرورة إجراء ثقب في القلب فور ولادته؛ لخلط كل من الأكسجين وثاني أكسيد الكربون معا حتى يستطيع التنفس، وذلك كحل مؤقت لحين أن يسترد عافيته من الولادة خلال 20 يوما، ثم يجري عملية قلب مفتوح فورا لتعديل وضع الشرايين.
لا يجري هذه العملية سوى 3 أطباء في مصر، وعدد محدود جدا بالعالم.
2 من الأطباء نسبة نجاح العملية لديهم لا تزيد عن 50 بالمائة، و الدكتور ال 3 هو مساعد مجدي يعقوب، وتكلفه العملية لديه تزيد عن 300 ألف، وهو ما سوف يضطرنا لبيع منزلنا، أو اقتراض المبلغ، أو السفر إلى أسوان لمؤسسة مجدي يعقوب للحصول على الدعم هناك.
ولكن هذا صعب، فالخطر على الطفل في فترة ال 20 يوما كبير جدا، والذي يزيد الأمر صعوبة أنه حين نسأل عن نسبة نجاح العملية من تلميذ الدكتور يخبرنا أنها ناجحة بنسبة كبيرة، لكن كل مضاعفتها خطيرة، فقد يحدث فشل رئوي أو كلوي، أو فشل بالكبد بسبب صعوبة العملية على طفل بهذا العمر. فهي من أخطر عمليات القلب المعروفة حاليا، وقال إنه لا يستطيع التنبؤ بمدى الخطورة بعد العملية؛ لأن الطفل لم يولد بعد، فربما ولد بصحة جيدة، فيقل الخطر، وربما لا.
وما زاد الأمر خطورة أنه أخبرنا باحتمال إصابته بأي ضرر آخر بالقلب لم يظهر بالأشعة بعد، ولكنه نصحنا بعدم الإجهاض. بل نصحنا بالسفر إلى أسوان إن أردنا. وبرغم أنه يستطيع المساعدة في الحصول على دور هناك، إلا أنه رفض المساعدة، ورشح لنا مستشفى هنا للولادة، وقال إنه لا يثق في غيرها، ثم نأخذ الطفل ونسافر به، أو نعالجه معه هنا بالتكلفة العالية.
أما بعض الأطباء الآخرين من الموثوق برأيهم الذين ليست لديهم منفعة وهم من أطباء الأطفال، وليسوا أطباء القلب، فقد نصحوا بالإجهاض بعد أن شاهدوا حالات أخرى ربما في رأيهم أقل خطورة من هذه، ويأتي الأطفال بشكل دوري للعلاج من تبعيات عمليات القلب في هذا السن، وأكثرهم يموت في النهاية، أو يعيش مريضا.
كان علينا اتخاذ قرار في مدة 3 أيام على الأكثر. سألنا كثيرا من المشايخ، قالوا حرام، وهم من مشيخة الأزهر، ولكن لم أكن أثق في الأمر؛ لصغر سنهم، و عدم رغبتهم في الاستماع لنا، وظننت أنه ربما يسمح في بعض الحالات بالإجهاض. فأكملت بحثي أسأل كل من أجد أمامي من شيوخ مؤهلين للفتوى، أي ليس مجرد إمام جامع، إنما ممن درسوا من العلم ما يسمح لهم بذلك.
وسألت شيخا من الحاصلين على دكتوراه في علم الفتوى، وأخبرنا أن نعجل بالولادة حالا، فإن مات الطفل فذلك قدر الله. أخبرته أن ذلك يتم بمحفزات للولادة، وسوف أكون في اليوم الأول من الشهر 7 وبذلك في الأغلب يموت الطفل في ولادته. وأنا أعرف بذلك، أخبرني أنها إذن تكون إرادة الله.
لم نقتنع أنا وزوجي بكلامه، وشعرنا أنه تحايل على الله. حتى توصلنا إلى مفتي الديار الأسبق، وأخبرنا أنه في هذه الحالة يحل لنا إجهاض الطفل. ولما أخبرته برفض الأزهر، قال إنه هو من الأزهر، ويرى أن الأمر حلال.
وتواصل معه زوجي بعدها أيضا، وأخبره بنفس الكلام، وكذلك تواصلنا مع تلميذه أخبرنا أنه يقول إنه هو المسؤول أمام الله.
سألت أحد الشيوخ عن تلك الفتوى، أخبرني أنه إذا تحمل نتيجتها أمام الله لا وزر علينا. وقد أخبرنا أنه هناك فرقا بين البعد عن الحرام والفضيلة، والفضيلة هنا هي الإبقاء على الطفل إن استطعت. أما البعد عن الحرام، فقد حدث بالفعل عند حصولنا على الفتوى، وخاصة أنها ليست فتوى سياسية، وأنه لا تربطنا علاقة بالشيخ، وليس هناك مصلحة له في تلك الفتوى. فإن أخطأ فله أجر، وليس علينا وزر.
وسألت شيخا آخر، فأجاب بنفس الكلام.
وهناك شيوخ آخرون قالوا خذي بالأغلب ولا تجهضي الطفل؛ لأن من المعروف عن هذا الشيخ التيسير.
ولكن قلبي ارتاح لفتوى الإجهاض؛ لتجنب الضرر على الطفل، وربما لعاطفة الأمومة التي لم تتحمل الضرر له. وأقنعت زوجي بذلك وأجهضنا الطفل.
والآن نخشى عقاب الله، ولا أعرف هل علينا إثم أم لا؟ لأنه كانت هناك فتوى بذلك، وليست فتوى من شخص صغير، ولكنه مفتي الديار الأسبق.
وإذا كان ما ارتكبناه إثما. فهل له كفارة، خاصة أنه يعلم الله، أنه والله لولا حصولنا على تلك الفتوى، لما أجهضنا الطفل، بالرغم من رغبتنا الشديدة بذلك.
ولكن ما يشعرني بالذنب أنني من سعيت للوصول للشيخ لمعرفتي أنه ييسر الأمور.