السؤال
لقد أرسلت لكم في إحدى المرات سؤالًا عن سجود الشمس واستقرارها، ولديّ استفسار معين حول الشبهة، وهي أنكم قلتم: إنه لا يستلزم من سجود الشمس وقوفها عن الحركة؛ لأن سجودها ليس كسجود الناس، ولكن ماذا عن آية: "والشمس تجري لمستقر لها" الذي فسرها الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن كلمة مستقر، ألا يستلزم ذلك أن تستقرّ الشمس عن الحركة كي تسجد؟
وقلتم أيضًا: إنه لا بأس من استقرار الشمس شيئًا، ووقوفها لا يستنكره الناس، ولكن هذا الأمر غير صحيح علميًّا، فلو افترضنا وقوف الشمس في كل يوم جزءًا بسيطًا جدًّا من الثانية، فإنه مع مرور الوقت سيخرب نظام دوران الشمس والأرض، وسيتم ملاحظة ذلك بالعين المجردة، أي أن وقفات الشمس في كل يوم ستتراكم، وسيزول نظام حركة الشمس إن توقفت كل يوم جزءًا بسيطًا من الثانية على مر السنين، فكيف نوفّق بين العلم والحديث والآيات في هذا الأمر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فسجود الشمس تحت العرش أمر غيبي، لا يعلم كيفيته إلا الله سبحانه وتعالى، وليس هذا مختصًّا بالشمس، فقد أخبر سبحانه عن سجود جميع المخلوقات له، فقال عز وجل: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ {الحج:18}.
وقد رجح ابن عاشور أن محل سجودها أمر مجهول، لا قبل للناس بمعرفته.
وإذا كان الأمر كذلك، فلا تعارض بين سجود الشمس وسيرها، وقد استظهر جماعة من أهل العلم من شراح الحديث -كالخطابي، وابن حجر- أنها تسجد وهي تجري وتدور، ويؤيده قراءة: {تجري لا مستقر لها}، وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى: 403195، 61100، 46378، 99520.
والله أعلم.