الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب طاعة الزوج فيما تأمره به أمّه؟ وهل من العقوق رفض الابن زيارة أقاربه؟

السؤال

والدة زوجي تحبّ التسلّط، وتودّ أن تكون على معرفة بكل شيء، وسيئة الظن فيّ، وتطلب من زوجي أن يأمرني بأمور لا أحبّها، وهو لا يحبّها أيضًا، فهل يجب عليّ فعل ذلك؟ مع العلم أني حامل، وفترة الحمل تمرّ بشكل سيئ -والحمد لله على كل شيء-، ولا أطيق أن أفعل ما لا أحب، فهل أمرها لابنها، يوجب عليها أن تأمرني؟ وهل طاعة الزوج تشمل أن يأمرني بما تأمره به أمّه؛ لكيلا يكون عاقًّا؟ وهل من العقوق رفض الابن زيارة أقاربه بسبب انشغاله؟ ولو كان هناك اختلاط في المجلس، فهل يحق لي رفض الذهاب معه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ينبغي لزوجك أن يحرجك بطلبه منك أمرًا من الأمور العادية التي لا تحبينها؛ إرضاء لوالدته.

وإن فعل، فلا تجب عليك طاعته في ذلك؛ إذ ليس من حقّه الواجب عليك أن تطيعيه فيما تأمره به أمّه، هذا في الأمور العادية.

أما إن أمرته والدته أن يأمرك بأمر من أمور الشرع -كالستر، ولبس الحجاب، ونحوه-، وأمرك بذلك؛ فتجب عليك طاعته في ذلك؛ لأنه من طاعة الله تعالى، فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث علي -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف.

هذا ومن المستحسن في حقّك أن تطيعي أمّ زوجك، وأن توافقيها في أمور الحياة، التي لا ضرر عليك فيها، ولا يلحقك كبير مشقة في امتثال أمرها فيها -كبعض أمور المعيشة، ونحو ذلك-؛ بغية نيل رضاها؛ فإن طاعة أهل الزوج ليست فرضًا على المرأة في الإسلام، وإنما هي من باب المعاشرة بالمعروف، وقد تقدم الكلام على هذا في الفتوى: 33290.

وبخصوص سؤالك الثاني نقول: إذا أمر أحد الوالدين ولده بزيارة أقاربه؛ فيجب عليه أن لا يقابل ذلك الأمر بالرفض؛ حتى لا يكون عاصيًا لوالده أو لوالدته في طلب القيام بأمر مشروع، وهو صلة الرحم، لكن يمكن أن يبيّن لوالديه ظروفه وانشغالاته التي تمنعه من الزيارة، على أمل القيام بها إن سنحت له فرصة، مع تحقيق صلة الأرحام بالوسائل الأخرى التي تحصل بها -كالاتصال بهم، والسؤال عنهم عن طريق الهاتف، وغيره، وبعث الهدايا إليهم، ونحو ذلك-؛ فإنّ الزيارة لا تتعين وسيلة لصلة الرحم، بل تحصل الصلة بكل ما يعدّ في العرف صلة، وراجعي الفتوى: 163571.

ولا يحق لزوجك أن يذهب بك لزيارة مجلس فيه اختلاط غير منضبط بالضوابط الشرعية، وإن فعل، فلا تجب عليك طاعته في ذلك؛ لأن طاعة الزوج مقيدة بالمعروف، كما تقدم ذكره، وقد قال عليه الصلاة والسلام: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه البخاري، ومسلم.

واجتهدي في نصح زوجك، وبيّني له مضار الاختلاط غير المنضبط بالضوابط الشرعية.

ويمكنك أن تتعلّلي في عدم الخروج معه إلى مثل هذه المجالس بأي علة مقبولة لديه.

ثبتنا الله وإياك على الحق والمعروف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني