السؤال
كنت في رحلة عمل منذ شهر ببلد أجنبي، وتعرفت على فتاة، وأقمت معها علاقة جنسية، عند عودتي إلى بلدي اتصلت بي لتعلمني أنها حامل مني. حاولت أن أقنعها بالإجهاض، أو أن أعود لأخذ الطفل عند ولادته، لكنها ترفض في كلتا الحالتين بعلة أن لا شأن لي في هذا الموضوع، وأن هذا الخيار خيارها وحدها، أنا لا أريد لطفلي أن يكبر في مجتمع أجنبي غير مسلم، وبدون أب، ولا أريد أن أتزوجها؛ لأن والدتي لن ترضى بذلك؛ ولأنني أخاف منها أيضا، فهي تتعاطى المخدرات كثيرًا، وغير دينية. فمرة تقول إنها مسيحية، ومرة بوذية، ومرة أنها تريد أن تسلم. وهددتني كذلك بأن تعطي الطفل إلى صديقها؛ لأنه عقيم، ولا أريد أن يكون طفلي ابن زنا. أنا نادم جدا على ما فعلت، وتبت إلى الله، وأسأله كل يوم المغفرة، وتوجيهي إلى ما يرضيه عني.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بتوبتك إلى الله تعالى من الزنا، وهو ذنب عظيم، وكبيرة من كبائر الذنوب، رتَّب الله عليه الحد في الدنيا، والعذاب الشديد في الآخرة، وحذر منه أشد التحذير حيث قال: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}. والنهي عن قربان الزنا يعني اجتناب وسائله.
وقال السعدي -رحمه الله- في تفسيره: والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله؛ لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه، فإن "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه"، خصوصًا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه. اهـ.
فالواجب عليك في المستقبل الحذر من كل ما يقودك للوقوع في هذه الفاحشة مرة أخرى من التساهل في التعامل مع النساء والخلوة بهن. ونوصيك بالإقبال على الاستقامة، واتخاذ الوسائل التي تعين على الثبات عليها، وقد ذكرنا بعضها في هذه الفتاوى: 1208، 10800، 12928.
وهذا الطفل لا ينسب إليك، لانه من سفاح، بل ينسب إلى أمه، فهي المسؤولة عنه بالنفقة عليه ورعايته، ويرثها وترثه، ولا مسؤولية عليك شرعا تجاهه.
والله أعلم.