السؤال
أنا نذرت نذرًا، وأقسمت بالله مع النذر للتأكيد أنه من الآن فصاعدًا (وهذا يُفيد التكرار، وبنيتي قصدتها) إن رجعت إلى هذه المعصية، فسوف أدفع كامل راتبي الشهري للفقراء، ولكن -مع الأسف- رجعت إلى هذه المعصية مرتين وثلاثًا، فهل عليّ دفع راتبي لشهر واحد، أم أكثر، بحسب تكراري المعصية؟ وهل يجوز أن أعطيه لأهلي وأقاربي -أبي، أو أخي، أو أختي، أو أصدقائي-؟ مع العلم أنني أعيش خارج البلاد. وشكرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن سؤالك -حسبما فهمنا- مشتمل على يمين، وهو: أقسمت بالله، وعلى نذر لجاج، وهو: التزامك بالتصدّق براتبك عندما تحصل منك المعصية، وتنحلّ اليمين بمجرد الحنث، وتلزم فيها الكفارة، إلا إذا نويت تكرار اليمين، كلما وقعت منك المعصية؛ لأن الحالف بيمين واحدة، لا تلزمه إلا كفارة واحدة إذا حنث، هذا هو الأصل، إلا إذا نوى بيمينه تكرر الكفارة بتكرر فعل المحلوف على تركه.
وعلى هذا؛ فمن أقسم بالله تعالى ألا يمارس معصية، ثم تجرّأ على الله تعالى، وفعل ما حلف على تركه؛ فعليه كفارة واحدة، ولو عصى الله تعالى مرات؛ لأن يمينه انحلّت بفعل أول معصية، فلم يلزمه أكثر من كفارة واحدة، إلا إذا نوى تكرر اليمين بتكرر الحنث.
وأما النذر؛ فظاهر من كلامك أنك نويت به التكرار، وأنه كلما حصلت منك المعصية، لزمك التصدق براتبك كاملًا.
وعليه؛ فيلزمك تكرار الوفاء بالنذر، أو الكفارة، كلما وقعت في المعصية، وانظر الفتوى: 113083.
ومن ثم؛ فلا يمكنك التخلّص منه، فكلما عصيت؛ لزمتك كفارة يمين -على الراجح-، أو التصدّق بما ذكر، إلا إذا عجزت عجزًا لا يرجى زواله؛ فإن عليك عند العجز الدائم كفارة يمين، كما سبق تفصيل ذلك في الفتوى: 28918.
وأما عن سؤالك الثاني: فإن كنت نذرت أن توزّع راتبك على الفقراء؛ فيمكنك أن تعطيه أقاربك المحتاجين، بل قد يكون ذلك أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم صدقة، وصلة. رواه أحمد، والنسائي، وابن حبان، والترمذي، وحسنه. بشرط أن يكونوا من الفقراء المحتاجين.
والله أعلم.