السؤال
ما حكم الزوج الذي يسافر ويترك زوجته لأكثر من سنة بدون حمل، مع العلم أنها أنجبت طفلا في بداية الزواج، وتوفاه الله. ثم بعد ذلك سافر الزوج لمدة عام ونصف، وبعدها رجع وسافر بدون علم ورغبة زوجته؛ لأنها تريد أن يرزقها الله بالأطفال، وهما متزوجان منذ خمس سنوات. وحرمان الزوجة من الأطفال يؤذي نفسيتها؟
أرجو الإفادة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولا نوصي بالتوجه إلى الله -عز وجل- وسؤاله الذرية، فأمور الخلق بيده، ومنها هبة الذرية، كما قال تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ{الشورى50:49}.
وإضافة إلى الدعاء، ينبغي بذل الأسباب الأخرى ومنها الاستغفار، قال سبحانه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا {نوح10-12}.
ويمكن للزوجة أن تتفاهم مع زوجها في أمر البقاء معها حتى ييسر الله لها الحمل، ولكن إن رغب الزوج في السفر فله أن يسافر ولو لم ترتض زوجته ذلك، بشرط أن يتركها في مكان آمن، ويقوم بما يجب عليه من نفقتها، ولا يلزمه ترك السفر حتى يحصل الحمل.
ومن حقها عليه إذا سافر أن لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها، كما قضى بذلك عمر -رضي الله عنه- وقد نقلنا ذلك في الفتوى: 110912، فراجعيها. ونؤكد على ما نبهنا عليه سابقا من التفاهم بين الزوجين في هذا الأمر.
وننبه إلى أنه ليس للزوج التسبب في حرمان زوجته من الإنجاب بغير رضاها، كأن يقوم بالعزل عنها بغير إذن منها، فهذا مما نهى عنه الشرع، وعلل العلماء ذلك بحقها في الولد.
قال ابن قدامة في المغني: ولأن لها في الولد حقاً، وعليها في العزل ضرر، فلم يجز إلا بإذنها. اهـ.
والله أعلم.