السؤال
أنا من عائلة مكونة من 6 بنات، وابنين، وأبي لا ينفق علينا نهائيًّا منذ أكثر من 13 سنة، وأمّي كانت تنفق علينا، ويساعدها من أراد الخير، وقد توفيت أمّي قبل 4 سنوات، وأعطتنا مبلغًا كبيرًا، وكانت تنوي أن يكون للبنات؛ ليجدن منزلًا لهنّ -والمبلغ مليون ومائتان-، وطلبت تقسيمه بطريقة معينة، وقد أخبرتنا مرارًا بذلك.
أخذ أخي المليون ليودعه في حساب صديقه منذ 4 سنوات، ولم أستطع الوصول للمبلغ منذ ذلك الحين، وبقيت معي 200، ولا أعلم ماذا أفعل بها؛ فأخواتي يردن شيئًا يُؤمِّنُهن في الدنيا؛ لأن أبي يعلم حالتنا، ولا يساعدنا، ولو بكيس من الأرز، ثم اكتشفتُ أن أختي تقبل الزكاة؛ بحجة أننا فقراء، مع العلم أن أخوين وأختًا لم تحسبهم أمّي في المبلغ الذي كانت تجمعه للبنات.
لا ينفق علينا الآن إلا أخي الكبير، وعليه ديون، ويأتي علينا أكثر من شهر في السنة لا نجد ما يُؤكل غير الأرز، ونسكن في بيت تحمَّل إيجاره عنا شخص آخر لوجه الله، واضطررنا أن نجعل أخي الصغير يعمل؛ لكي يوفّر ثمن البنزين، وأختي الكبيرة ترفض.
أردت أن أحرّك المال الباقي معي؛ بحجة أن أمّي تريد لنا منزلًا، وترفض النقاش، وتقلب كلامها، فهل الأخوان والأخت يستحقّون الزكاة؟ وهل أعطيهم ما يصل لي منها، أم أخرج ما يصل لي؛ لأن أخواتهم غنيات، حتى وإن لم يستطعن الوصول للمبلغ.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما تركته أمّكم إنما هو ميراث، يجب قسمه وفق أحكام الشريعة على جميع ورثتها بحسب أنصبتهم الشرعية، وكل منهم يمتلك حصّته، ويتصرّف فيها.
وليس لأختك ولا لغيرها المنع من قسم المال وفق شرع الله تعالى.
وأما الطريقة التي ذكرتها الوالدة لتقسيم التركة؛ فلا يجوز إلزام أحد من الورثة بها، فإن الله عزّ وجلّ قد تولّى بنفسه قسم الميراث، وبيان الأنصبة في كتابه، ثم قال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:13-14]، قال السعدي: أي: تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث حدود الله التي يجب الوقوف معها، وعدم مجاوزتها، ولا القصور عنها. اهـ.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه، وأحمد، وصححه الألباني.
وأما أخذ إخوتك من الزكاة، فإن كانوا أغنياء بما يملكونه من المال الذي تركته لهم أمّهم؛ وتمكنوا من الوصول إليه، فلا يجوز لهم الأخذ من الزكاة.
وحدّ الفقير المستحقّ للأخذ من الزكاة، قد بيناه في الفتوى: 128146، وحدّ الغِنى المانع من إعطاء الزكاة، بيناه في الفتوى: 4938.
والله أعلم.