السؤال
أمّي وأبي كانوا في نزاعات لسنوات عديدة، وطلّقها، ثم ردّها، ثم طلّقها، ولا أعرف عدد الطلقات بالضبط، فأبي ينطق بالطلاق كلما كان في شدة غضبه، وقد هدأت الأمور الآن -بفضل الله- منذ فترة، ونعيش كلنا في نفس البيت حياة هادئة نوعًا ما، ووالداي منفصلان كزوجين، لكنهم يقومون بالمهام الخاصة بالأسرة والبيت، وأهل أمّي يسكنون في مدينة أخرى تبعد ساعتين تقريبًا عن مدينتنا، وأبي يكرههم للغاية، ولا يحبّ أن يذهب إليهم أبدًا، ويسمح لأمّي أن تذهب إذا شاءت، ويسمح لنا بناته أن نذهب إذا شئنا بالحافلة، لكنه يرفض أن يذهب أخي المراهق، ويغضب، وقد تثور الدنيا، وتعود النزاعات كلها إذا فاتحه أحد في الأمر.
كنا نذهب كل فترة لزيارة جدّتي وجدّي، ونسافر بالحافلة مدة ساعتين مع أمّي، ومن ثم نذهب لبيت جدّي، ونمكث قليلًا، ونعود بنفس الطريقة، وأبي موافق على ذلك، ومنذ فترة علمت أن سفر المرأة وحدها لا يجوز، فهل سفرنا هذا حرام، وعلينا أن نتوقّف؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المرأة منهيّة شرعًا عن السفر بغير رفقة زوج، أو مَحْرَم، ولكن إن دعت لذلك حاجة؛ فلا حرج في الترخّص بقول من أجاز لها السفر مع الرفقة المأمونة في كل سفر مباح؛ فقد أجاز العلماء الأخذ بالرخصة عند الحاجة، قال السبكي في الإبهاج شرح المنهاج: يجوز التقليد للجاهل، والأخذ بالرخصة من أقوال العلماء بعض الأوقات عند مسيس الحاجة، من غير تتبّع الرخص؛ ومن هذا الوجه يصحّ أن يقال: الاختلاف رحمة؛ إذ الرخص رحمة. اهـ.
ولمزيد الفائدة والاطّلاع على كلام أهل العلم، راجعي الفتوى: 136128.
ومهما أمكن من سبيل شرعيّ لإرجاع أبيك لأمّك وإنهاء الانفصال، وترجّحت مصلحة ذلك؛ كان أفضل؛ فقد قال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128}.
ونوصي أيضًا بالاجتهاد في الإصلاح بين أبيك وأهل أمّك، وأن يُوسّط في ذلك العقلاء بين الناس؛ فهم أصهاره، وهو صهرهم، ومن حسن العشرة أن يكون الأصهار على حال من المودّة والأُلْفة؛ شكرًا على نعمة هذه العلاقة التي امتنّ الله بها على عباده، حيث قال: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا {الفرقان:54}، وراجعي للمزيد الفتوى: 50300، وهي عن فضل الإصلاح بين المتخاصمين.
والله أعلم.