السؤال
أذنبت بالأمس ذنب الزنا، وأنا محصن، وأرغب في التوبة. وقد نويت الحج بإذن الله، لعل الله يغفر لي.
وأريد أن أعرف ماذا يمكن أن أفعل لكي يقبل الله توبتي، ولا يصاب أهلي بذنوبي؟
وهل يمكن مثلا أن أؤدي العمرة عن ولي أمر من زنيت معها؛ لأنه قد أصبح له حق علي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا من كبائر الذنوب، وقد أخبرنا الله -سبحانه- في كتابه بأنه ليس من صفات عباده المؤمنين، وقرن ذكره بالشرك بالله وقتل النفس المحرمة. قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا {الفرقان:68 - 69}.
ولا سيما إذا كان هذا الذنب من مُحْصَن، رزقه الله ما يعف به نفسه، فالإثم في حقه أشد.
ولكن مهما عظُم الذنب، فعفو الله أعظم، ورحمته أوسع، وباب التوبة مفتوح، ومن تاب؛ تاب الله عليه.
وقد قال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70}. وقال: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
فبادر إلى التوبة النصوح من هذا الذنب العظيم الذي وقعت فيه. وشروط التوبة : الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات من فعله، والعزيمة الصادقة على عدم العود إليه.
وأكثر من الاستغفار منه، واعمل الصالحات، وأكثر من الحسنات، فقد قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}.
ومن الأعمال الصالحة العظيمة التي تكفر الذنوب، ويمحو الله بها الخطايا: الحج والعمرة، وهكذا سائر الأعمال الصالحة. فاحرص عليها، واحذر من التساهل بالوقوع في هذه الفواحش. واقطع جميع العلاقات الآثمة، والمقدمات التي تقرِّبك من تلك المعاصي.
وأما من وقعت معها في الخطيئة: فإن كانت بالغة مطاوعة لك -وهو المتبادر من السؤال- فلا حق لها عليك، ولا لوليها. كما بينا في الفتوى: 198321
وشروط توبتك من تلك المعصية سبق بيانها، فبادر إليها، لعل الله يتوب عليك، ويغفر ذنبك.
نسأله -سبحانه- أن يُحبِّب إليك الإيمان، وأن يزينه في قلبك، وأن يُكَرِّه إليك الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلك من الراشدين.
والله أعلم.