السؤال
أنا زوجة ثانية، وكنت أرملة، ولدي طفلان من زواجي الأول، وقد أصبحا يتيمين منذ ولادتهما.
زوجة زوجي الأولى تفتعل المشاكل، وتثير الفتن مع زوجي، وتخبره بأنه ليس له أجر في كفالة اليتامى أبنائي ما دام قد تزوجني بالمقابل، وتصفني بنعت (الكلبة)، وتصف أبنائي باللقطاء. ولا تكف عن أذيتي في كل كلامها، ووصل بها الأمر لحد المجيء إلى بيتي، وحاولت افتعال المشاكل، ولكني لم أفتح لها. وهي تحرض أبناءها على والدهم بمقاطعته، والضغط عليه بعدم الرد على اتصالاته، وللعلم هي تعيش في دولة أخرى منذ 10 سنوات، وهو يعيش لوحده. وعندما تزوجني أصبح أولاده يريدونه بجانبهم، ولا أعلم كيف أتصرف معها لأن أذاها لي ولأولادي بلغ الحد، وأنا الآن حامل، وزوجي لم يستطع إيقافها عند حدها، فهي إنسانة سليطة اللسان ومؤذية، وتتلفظ بكلمات نابية دائما، ولا تحترم أحدا.
ما حكم هذه المرأة في قولها إنه تزوجني، وليس له أجر في تربية أولادي، وفي نعتها لنا بهذه الألفاظ النابية؟ مع العلم أن زوجي تمسك بي حتى مع محاولاتها زرع البغض مع أبنائه، وهي تدعي أني أحرض زوجي علي أبنائه، ويشهد عليَّ الله أني لا أدخل إلا بالخير، وهي تروج أني أسيطر عليه، وتنكر كل ما يفعل لها ولأبنائها، ويشهد الله أني لم أر أبًا مثله في حياتي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإحسان زوجك إلى أولادك؛ فيه أجر عظيم -إن شاء الله-، وما قالته زوجته من كون زواجه منك يمنع حصول الأجر له في إحسانه إلى أولادك؛ غير صحيح.
وإن كانت تلك المرأة تؤذيك بغير حقّ، وتسيء إليك بمثل الكلام المذكور؛ فهي آثمة معتدية، وعلى زوجك أن يمنعها من أذيتك قدر استطاعته.
ونصيحتنا لك؛ أن تصبري، ولا تلتفتي لما تقوله المرأة، وأن تهوني على نفسك الأمر؛ فالغيرة بين الضرائر أمر جبلي لا يسلم منه بيت حتى بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ففي صحيح البخاري عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: «غارت أمكم»، ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت.
قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: وقوله: غارت أمكم، اعتذار منه -صلى الله عليه وسلم- لئلا يحمل صنيعها على ما يذم، بل يجري على عادة الضرائر من الغيرة؛ فإنها مركبة في النفس بحيث لا يقدر على دفعها. وسيأتي مزيد لما يتعلق بالغيرة في كتاب النكاح حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى.
وفي الحديث حسن خلقه -صلى الله عليه وسلم-، وإنصافه وحلمه. انتهى.
وقال أيضاً: وقالوا فيه إشارة إلى عدم مؤاخذة الغيراء بما يصدر منها؛ لأنها في تلك الحالة يكون عقلها محجوبا بشدة الغضب الذي أثارته الغيرة.
وقد أخرج أبو يعلى بسند لا بأس به عن عائشة مرفوعا أن الغيراء لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه. انتهى.
والله أعلم.