السؤال
ذكر لي أبي سِرًّا بينه وبين أمي، فقلت له: إنه لا يجوز بدلالة هذا الحديث: إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا. فقال لي: حالتك مختلفة، ويجوز لأني ابنهما.
فهل الابن يمكنه سماع أسرار الوالدين، والتدخل بينهما؟ أم مثله مثل الآخرين؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بالنهي في الحديث المذكور في السؤال هو إفشاء الزوج أسرار المعاشرة الزوجية، وتفاصيل ما يحصل بينه وبين زوجته حال الجماع.
قال النووي -رحمه الله- في شرحه لهذا الحديث: وفي هذا الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته من أمور الاستمتاع، ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من قول، أو فعل، ونحوه. انتهى.
ولا ريب في قبح هذا الفعل، ومخالفته للمروءة والحياء، سواء كان الإفشاء بين الأباعد، أو الأقارب.
وأمّا الأسرار التي لا تعلق لها بالاستمتاع بين الزوجين، فلا يجوز إفشاؤها إذا ترتب على الإفشاء ضرر، أو أمر صاحبه بكتمانه.
قال النووي -رحمه الله- في كتاب الأذكار: ومما ينهى عنه إفشاء السر، والأحاديث فيه كثيرة، وهو حرام إذا كان فيه ضرر، أو إيذاء. انتهى.
وقال السفاريني -رحمه الله- في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: ويحرم على كل مكلف إفشاء أي نشر وإذاعة سر........، ولعله يحرم حيث أمر بكتمه، أو دلته قرينة على كتمانه، أو ما كان يكتم عادة. انتهى.
وما عدا ذلك من الأسرار التي بين الزوجين؛ فقد يُفرق فيها بين القريب والأجنبي؛ فالغالب أن الإنسان لا يرى غضاضة في معرفة ابنه -ونحوه من الأقارب- ببعض أموره التي يخفيها عن الآخرين.
والله أعلم.