الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم القبول بوزن البضاعة النهائي عندما تتغير حسبة وحدة القياس

السؤال

كنت قد سألتكم سؤالاً ولكن تمت الاجابة عليه بغير مقصد سؤالي، والمعذرة إن كان الخطأ مني.
وقد كان جوابكم "لا يشترط لصحة المعاملة أن تعلم قيمة الشحن عند شراء البضائع من البائعين، بل الشرط المعتبر في ذلك أن تكون قيمة الشحن معلومة عند الاتفاق مع صاحب الشحن"
رقم الفتوى السابقة: 500002
ولكن ليس هذا الجواب الذي كنت أبحث عنه وإنما العكس، سؤالي عن صاحب الشحن وليس البائعين.
كنت قد سألتكم عن الشراء من الصين إلكترونيا، عندما أشتري البضائع المباحة من الصين إلكترونيا أسأل البائعين الصينيين عن حسبة البضاعة ووزنها فيعطوني وزنها بوحدة قياس معينة وهي سي بي ام، فلو كانت البضائع وزنها واحدا سي بي ام فهذا يعني أني سأدفع ستين ألف فرنك بعملة بلدي، ولكن أنا في الواقع أقيم عقدا آخراً أيضا مع مستودع معين أو مع صاحب الشحن، وعندما تصل البضائع إلى المستودع المعين أو صاحب الشحن يعطيني حسبته أيضا أو وزن البضاعة النهائي، ولكن الوزن النهائي يتغير فيصبح واحد فاصل اثنين سي بي ام مثلا، وأنا أكون جاهلاً بهذا الوزن النهائي وعلي القبول به مهما كان، وعدم الرفض، لأنه ربما الوزن عند البائعين الصينيين غير دقيق، وإنما الدقيق هو وزن صاحب الشحن.
سؤالي هو: ما حكم قبولي بوزن البضاعة النهائي عندما تتغير حسبة وحدة القياس، أقصد بوزن البضاعة النهائي التي هي قيمة الشحن التي يخرجها صاحب الشحن لي، أي صاحب المستودع؟
فمثلا إذا قال لي البائع الصيني وزن بضاعتك هي واحد سي بي ام وأنا قبلت بالوزن لأنني سأدفع ستين ألف فرنك، ثم وصلت البضائع إلى المستودع أو صاحب الشحن وقال لي وزن بضاعتك واحد فاصل خمسة، يعني لن أدفع ستين ألف فرنك، وإنما خمسة وسبعين ألف فرنك تقريبا، وأنا لم أكن أعلم بهذا الوزن، وعلي القبول به مهما كان هل تصح تجارتي؟ وهل يدخل ضمن عموم البلوى لأنني أريد أن أفتح متجرا وأسترزق منه من خلال هذه البضائع التي تأتي من الصين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمجهول هنا ليس أجرة الشحن المتفق عليها لكل وحدة قياس، وإنما المجهول هو قدر الشحنة نفسها، ومثل هذه الجهالة مغتفرة؛ لأن مآلها إلى العلم، ولا تفضي إلى نزاع بين المتعاقدين، ولا تمنع التسليم والتسلم، وراجع في ذلك الفتوى: 471688.

وهذا شبيه ببيع الصبرة ونحوها، جزافا بالأجزاء، قال البهوتي في «الروض المربع»: (وإن باع ثوبا أو صبرة) وهي الكومة المجموعة من الطعام، (أو) باع (قطيعا من الغنم كل ذراع) من الثوب بكذا، (أو) كل (قفيز) من الصبرة بكذا (أو) كل (شاة) من القطيع (بدرهم، صح) البيع ولو لم يعلما قدر الثوب والصبرة والقطيع؛ لأن المبيع معلوم بالمشاهدة، والثمن معلوم لإشارته إلى ما يعرف مبلغه بجهة لا تتعلق بالمتعاقدين، وهي الكيل والعدُّ والذرع. اهـ.

وجاء في «الموسوعة الفقهية الكويتية»: الصبرة هي: الكومة المجتمعة من الطعام ونحوه. والصبرة المجهولة القدر المعلومة بالرؤية، إما أن تباع بثمن إجمالي، وإما أن تباع على أساس السعر الإفرادي، كما لو قال: كل صاع منها بكذا. فأما النوع الأول، فقد قال ابن قدامة: لا نعلم في جوازه خلافا إن كان مما يتساوى أجزاؤه ... وأما الثاني: وهو بيع الصبرة التي يجهل مقدار كيلها أو وزنها على أساس سعر وحدة الكيل أو الوزن، فقد ذهب المالكية والشافعية والحنابلة ومحمد بن الحسن وأبو يوسف من الحنفية: إلى جواز بيع الصبرة التي يجهل عدد صيعانها مجازفة، بأن يقول: بعتك هذه الصبرة من الطعام كل صاع بدرهم؛ لأن رؤية الصبرة تكفي في تقديرها، ولا يضر الجهل بجملة الثمن؛ لأن بالإمكان معرفته بالتفصيل بكيل الصبرة، فيرتفع الغرر، وتزول الجهالة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني