الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم نوم الزوجة في غرفة غير التي ينام فيها زوجها

السؤال

هل يجوز للزوجة أن تنام في غرفة منفصلة إذا كان زوجها مصابًا بالوسواس القهري في الطهارة، والصلاة، والعقيدة، إضافةً إلى أنه سيئ الخلق، متفحش، وبذيء اللسان، ينام طوال الصباح، ولا يستيقظ إلا قبل الظهر، ويقضي الليل ساهرًا؟ مع العلم أنها تلبي رغبته إذا دعاها إلى فراشه في أي وقتٍ وعلى أي حالٍ (أي لقضاء وطره منها).

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر لنا أنّ نوم الزوجة في غرفة غير الغرفة التي ينام فيها زوجها؛ لا حرج فيه ما دامت لا تمتنع من طاعته إذا دعاها للاستمتاع، فنوم الزوجين في فراش واحد ليس واجبًا عليهما، ولكن اختلف العلماء في الأفضلية؛ فذهب بعضهم إلى أنّ الأفضل أن ينام كل منهما في فراش، وذهب غيرهم إلى أنّ الأفضل لهما أن يناما في فراش واحد.

قال القاضي عياض -رحمه الله- في إكمال المعلم بفوائد مسلم: لكن كون كل واحد منهما بمعزل إلا عند الحاجة للاستمتاع مما يستحب؛ لإصلاح الجسم، وقلة استدعاء المواقعة، وتحريك الشهوة بالمباشرة في كل حال. انتهى.

وقال النووي -رحمه الله- في شرحه على مسلم: والصواب في النوم مع الزوجة أنه إذا لم يكن لواحد منهما عذر في الانفراد، فاجتماعهما في فراش واحد أفضل. انتهى.

وأمّا الوعيد المذكور في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فَأَبَتْ أن تجيء، لعنتها الملائكة حتى تصبح. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتى ترجع. فالمراد به الوعيد على عدم طاعة الزوج إذا دعاها للاستمتاع.

جاء في فتح الباري لابن حجر -رحمه الله-: قال ابن أبي جمرة: الظاهر أن الفراش كناية عن الجماع. انتهى.

وقال العيني -رحمه الله- في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: قوله: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، كناية عن الجماع. انتهى.

وجاء في فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب: وكنى هنا بالفراش عن الجماع بدليل الرِّواية الثانية إذا دعاها إلى فراشه أي: إلى الجماع، حتى لو لم يكن ثم فراش كان كذلك، وليس المراد ترك النوم معه على فراش، فإنه قد جاء في السنن: فراش لك، وفراش لزوجتك، ‌وفراش ‌للضيف، والرابع للشيطان. وربما خشيت من نومها معه أن يظهر منها ما يوجب النفرة، متعذر في ذلك، وقد تدعو حاجتها إلى نومها معه، فيستحب، أو يتعين، وتقييد الرِّواية الثانية (بدعوته امرأته) بما يدلّ على أنها لو هجرت من غير طلب منه ولا قرينة تدل على الطلب لا يحرم، وهو كذلك. انتهى.

وينبغي على الزوجة أن تسعى في استصلاح زوجها، وحثّه على الأخذ بأسباب علاج الوساوس، وحثه على الحرص على حسن الخلق والمعاشرة بالمعروف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني