السؤال
إنّني مواطن عربي مسلم مقيم في كندا متزوج ولي ولدان أكبرهما في الرابعة من العمر. أودّ تربيتهما تربية إسلامية إلا أنّ التجارب المعاشة حتى اليوم بيّنت صعوبة تحقيق هذا المبتغى. ففي كندا تصعب السيطرة على الأبناء نظرا لمنع الحكومة لبعض وسائل التأديب وحمايتها للأطفال والتي تصل إلى حدّ سلبهم من أهاليهم ووضعهم في عائلات استقبال كندية غير مسلمة. وهذه الحماية المبالغ فيها تجعل الطفل يتمرّد على والديه مما يفقد الأولياء السيطرة على أبنائهم. وأظنّ والله أعلم أنني أستطيع تربيتهم أحسن في وطني الأم عوضا عن كندا. من ناحية أخرى أنا الابن الوحيد لوالديّ اللذين كبرا في السن وأحسّ أنه من واجبي برّهما في هذه المرحلة العمرية. مشكلتي هي أنّ زوجتي متحجّبة ورجوعها إلى الوطن الأمّ يعني بالضرورة نزعها للحجاب فهو ممنوع هناك. ونحن الآن محتارون: * هل نعود إلى بلدنا فتنزع زوجتي الحجاب وفي المقابل تتوفر لدينا فرصة أفضل لتربية أبنائنا تربية إسلامية وأبرّ والديّ اللذين هما في أمسّ الحاجة إليّ في هذه الفترة . *
أو نبقى في كندا فتبقي زوجتي على الحجاب ولكن ضياع أبنائي يظلّ محتملا بل وبنسبة كبيرة وأبقى بعيدا عن والديّ . الرجاء إفادتنا وجازاكم الله خيرا .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتربية الأولاد على الأسس الإسلامية والآداب الشرعية واجب أناطه الله بالآباء. قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ }(التحريم: 6)
وبر الوالدين والإحسان اليهما واجب على الأبناء في كل زمان، قال الله تعالى: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}(الإسراء: 23)
ويتأكد هذا الواجب إذا كبر الوالدان أو أحدهما. روى مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل من يا رسول الله ؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. وعلى هذا.. فالواجب عليكما أن تعودا إلى بلدكما أو غيره من البلدان حيث تتمكنان فيه من تربية الأولاد تربية إسلامية، مع القيام بحقوق الوالدين، ولا يجوز للزوجة نزع الحجاب كفيما كان الأمر إلا أن تجبر على ذلك ولم تمكن الإقامة في بلد آخر يقبل لها الحجاب، وتتمكن فيه هي وزوجها من القيام بواجبات بنيهما، فيباح لها ذلك من باب ارتكاب أخف الضررين اتقاء لأشدهما، وعليها حينئذ أن تقر في بيتها ولا تتعرض لأماكن تواجد الرجال، وأن تصون نفسها ما استطاعت، ومتى زال الإكراه، وجب عليها المبادرة إلى الحجاب.
والله أعلم.