السؤال
أنا سيدة متزوجة من حوالي سنة, أعيش أنا وزوجي ببلد آخر غير بلدنا وقد تعرفنا على أسرة من جنسيتنا وبدأت العلاقة تزداد بيني وبين الزوجة, فهي ملتزمة دينياَ من صلاة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ولكن بدأ زوجي يشعر بأن هذه الزوجة تتكلم فقط عن الدين ولكن لا تعمل به, فهي لا تقوم بإكرام الضيف ولا تحترم نظافة بيت الناس، وتنظر دائماَ لما عند الآخرين ( وأنا أيضا أرى هذه العيوب و أنفر منها أحيانا) فأمرني بمقاطعتها ولكني أرى أن هذه العيوب من الممكن التغاضي عنها في ظل ظروف الغربة وفي ظل وجود مزايا أخرى, كذلك فأنا أستفيد من علمها في أمور الدين المختلفة. وقد قاطعتها امتثالاَ لأمر زوجي ولكنها تحاول أن تتقرب إلي مرة أخرى، وأنا لا أريد أن أتخاصم مع أحد حتى يقبل الله عملي عندما تعرض عليه أيام الاثنين والخميس. وقد حاولت معه مراراَ وتكراراَ لإعادة العلاقة مرة أخرى ولكنه يصر إصراراَ شديداَ على الرفض وبعد محاولات عديدة قال \"افعلي ما بدا لك ولكني أنا غير راض عن هذا\". فماذا أفعل؟؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الإسلام قد حث على أن تكون علاقة المسلم بأخيه المسلم على أحسن حال من الألفة والوئام، قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [سورة الحجرات:10]، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه. رواه البخاري ومسلم.
ومن مقتضيات الأخوة التناصح بين المسلمين، روى مسلم في صحيحه عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة.
ومن هنا؛ فإن أول ما نرشدك إليه: بذل النصح لصديقتك هذه بكل لطف وبأحسن أسلوب مستغلة وقت صفائها، مبدية حب الخير لها، وحب رؤيتك إياها في أحسن حال من كمال الدنيا والآخرة، فلعل الله تعالى ينفعها بمثل هذه الكلمات، فيكتب الله لك بها الأجر العظيم، وتنالي ما ترغبين فيه من رضا زوجك عنها واستفادتك منها.
وإن استمرت على تلك الحال، فحاولي إقناع زوجك بالسماح لك بوصالها، وينبغي أن تذكريه بأن مصلحة تعلمك بعض أمور الدين على يديها أعظم من هذه المفاسد المتوقعة منها، وأن الاتصاف بهذه الخصال المذكورة في السؤال لا تستوجب كل هذه القطيعة فقد تكون هذه السيدة معذورة فيها أو في بعضها، وعلى ذلك فيمكن احتمالها لأجل تحقيق تلك المصلحة التي ذكرت، فإن اقتنع زوجك فالحمد لله، وإن أصر على رفضه إياها وأمرك بمنعها من دخول بيته أو الذهاب إليها في بيتها، فالواجب طاعته في ذلك، روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في حجة الوداع: ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه. قال النووي في شرح هذه العبارة: والمختار أن معناه أن لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم، سواء كان المأذون له رجلاً أجنبياً أو امرأة، أو أحداً من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك، وهذا حكم المسألة عند الفقهاء.انتهى.
ولكن إن أمرك زوجك بهجرانها مطلقاً بحيث تكون هنالك حالة من الخصام والهجران المطلق، فلا تجوز طاعته في ذلك، روى البخاري ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. والطاعة إنما تكون في المعروف، وراجعي للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 7119.
والله أعلم.