الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم شراء الشركة للزبائن ودفع الثمن عنهم ثم تستوفيه بعمولة

السؤال

هناك شركة عبارة عن منصّة إلكترونية لعرض وبيع المنتجات الغذائية مثل الخضروات. ودور هذه الشركة هو تقديم خدمة وكالة للشراء بالنيابة عن المشتري، من خلال فريق مشتريات تابع لها. ويتم الشراء من بائعين متعاقدين مع الشركة، مقابل نسبة "عمولة"، وهي نسبة من إجمالي ثمن السلعة التي يتم شراؤها. وتسدّد الشركة قيمة السلعة نقدًا (غير مؤجَّل) للبائع، ثم يرسل البائع السلعة إلى المشتري.
وتأخذ الشركة عمولة من المشتري مقابل كل عملية شراء نفّذتها له، وتكون عبارة عن نسبة من إجمالي ثمن السلعة التي اشترتها بالنيابة عنه. ويسدّد المشتري ثمن السلعة للشركة على عدة أقساط يتفق عليها، بحيث تعادل في مجملها السعر نفسه الذي دفعته الشركة للبائع. ولا توجد غرامات تأخير على سداد الأقساط، ولكن لحفظ حقوق الشركة قد يتم إيقاف حساب المشتري، أو تصعيد الأمر إلى القضاء في حال عدم سداد الأقساط.
مع العلم أن المنصّة إلكترونية، وجميع المعاملات سواء أكانت شراءً أم بيعًا تتم بشكل إلكتروني، ويُصدَر بيان إلكتروني بها، ويحصل كل طرف (المشتري، الشركة، البائع) على نسخة مماثلة لكل معاملة، سواء كانت متعلقة بمبلغ شراء الشركة من البائع، أو عمولة الشركة من البائع، أو عمولة الشركة من المشتري، وذلك لضمان وضوح الأمور وشفافيتها. فهل نسبة العمولة من البائع جائزة؟ وهل نسبة العمولة من المشتري جائزة؟ وإن كان في المعاملة شيء غير صحيح، فنرجو توضيحه وتوجيهنا إلى الصواب بما يتوافق مع الشرع.
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكون الشركة هي التي تدفع للبائع الثمن معجلاً، كوكيل عن المشتري، ثم تأخذ الثمن من موكلها (المشتري) بعد ذلك مقسطًا على أقساط؛ فهذا يجعلها في حكم المقرض للمشتري، وقد جرَّتْ على نفسها نفعًا بسبب هذا القرض، وهو العمولة التي تحصلها من البائع ومن المشتري، والقرض إذا جرّ نفعًا كان ربا.

ثم إنه لا يجوز الجمع بين القرض، وبين عقود المعاوضة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع. رواه أحمد، وغيره، وصححه الألباني. وراجع في ذلك الفتويين: 250798، 465067.

وعليه؛ فالطريقة المذكورة في عمل المنصة، وهي أن تشتري لزبائنها، وتدفع عنهم الثمن، ثم تستوفيه مع عمولة، لا يجوز؛ لما في ذلك من الجمع بين السلف والوكالة بأجرة، ولتضمن ذلك للربا.

والطريقة الشرعية -ما دام أن المنصة تملك المال والسيولة النقدية- هي أن تضبط المعاملة بينها وبين المشتري على صيغة المرابحة للآمر بالشراء، ويكون ربحها هو الفرق بين الثمن الذي تشتري به من البائع الأول، وتبيع به للمشتري، وضبط هذه المعاملة هو أن تشتري الشركة السلعة لنفسها أولاً، دون إلزام للمشتري بشرائها، لكن على وعد منه بشرائها، فإذا امتلكتها، ودخلت في ضمانها، باعتها بعد ذلك للمشتري بيعًا آجلًا، بثمن معلوم، على أقساط.

وراجع في بيان الضوابط المعتبرة في هذا النوع من البيوع، الفتويين: 139582، 110113.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني