السؤال
أنا صيدلانية أعمل في صيدلية مستشفى وضغط العمل كبير أود أن أسأل عن الأخطاء التي قد أتعرض لها مع العلم أنها غير مقصودة و ليست ناتجة عن إهمال ونادرة الحدوث مثل: خطأ في الفواتير ومحاسبة المريض على كمية أقل أو أكثر من الدواء, كسر علبة دواء , صرف دواء لمريض مؤمًن صحيا ومعرفة أن هذا الدواء لا يدخل في التأمين لاحقا , وجود بعض الأدوية التي انتهت صلاحيتها والتخلص منها بدون علم المسؤول. مع العلم أنه من غير المستحب إخبار المسؤول عن مثل هذه الأخطاء لكونها بسيطة علما بأن عقد العمل لا يحتوي على أية قوانين تنص على أن الصيدلاني يتحمل أخطاء العمل. وسؤالي هو هل علي دفع مصاريف هذه الأخطاء أم لا ؟؟وكذلك هل علي أن أبحث عن رقم المريض لأخبره مثلا بأنه لم يدفع ثمن الدواء كاملا وأطالبه بالعودة إلى الصيدلية ودفع ثمن الدواء كاملا أم أن هذا غير ضروري؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعمل الصيدلي في مستشفى أو صيدلية أو نحو ذلك لوقت معين يعرف في الفقه الإسلامي بالأجير الخاص، وأكثر الفقهاء على أن الأجير لا يضمن ما تلف تحت يده إلا في حالة التفريط أو التعدي، لأن ما تحت يده أمانة ولا ضمان على مؤتمن إلا بتعد، ومعلوم أن السهو والخطأ الذي لا يخلو منه إنسان ليس تعدياً في الجملة.
جاء في الجوهرة النيرة من كتب الأحناف: ولا ضمان على الأجير الخاص فيما تلف في يده ولا ما تلف من عمله بأن انكسر القدر من عمله أو تخرق الثوب من دقه، وهذا إذا كان من عمل معتاد متعارف، أما إذا ضرب شاة ففقأ عينها أو كسر رجلها كان متعدياً ضامناً.
وفي المدونة في فقه الإمام مالك: قلت: أرأيت إن استأجرت أجيراً يخدمني شهراً في بيتي فكسر آنية من آنية البيت أو قدراً أيضمن أم لا في قول مالك؟ قال: لا يضمن إلا أن يتعدى، فأما ما لم يتعد فلا يضمن.
وقال ابن قدامة في المغني: فصل: فأما الأجير الخاص فهو الذي يستأجر مدة، فلا ضمان عليه، ما لم يتعد، قال أحمد في رواية مهنا في رجل أمر غلامه يكيل لرجل بزرا فسقط الرطل من يده فانكسر: لا ضمان عليه. فقيل: أليس هو بمنزلة القصار؟ قال: لا، القصار مشترك. قيل: فرجل اكترى رجلا يحرث له على بقرة، فكسر الذي يحرث به قال: فلا ضمان عليه، وهذا مذهب مالك، وأبي حنيفة وأصحابه، وظاهر مذهب الشافعي وله قول آخر: أن جميع الأجراء يضمنون.
وعليه، فإذا كانت هذه الأخطاء ليست بسبب الإهمال أو التعدي، فليس عليك ضمان تلك الأخطاء.
أما البحث عن رقم المريض لإخباره بأنه دفع أكثر من ثمن الدواء أو دفع أقل من ثمنه، وأن المتعين عليه دفع الباقي، فهذا واجب متى ما أمكن ذلك، لأن ذلك من أداء الأمانات إلى أهلها، وإذا لم يمكن معرفة المريض أو الاتصال به، وكان قد دفع أكثر من ثمن الدواء، فأنت مخيرة بين أن تحتفظي بالفرق وبين أن تتصدقي به عنه، على أنه إذا وجد بعد ذلك يخير بين إمضاء ما فعلت ويكون الأجر له وبين أن تردي عليه الفرق ويكون الأجر لك.
وراجعي الفتوى رقم: 45715.
والله أعلم.