السؤال
هل خيانة الزوج لزوجته مساوية لخيانة الزوجة لزوجها في العقوبة والإثم في الدين ؟
هل يحق للزوج الزواج على زوجته دون إخبارها أو علمها ؟
هل هناك شروط لتعدد الزوجات للزوج المقتدر خاصه إذا كانت زوجته لا يوجد فيها ما يعيبها أو ينقصها وزواجه الثاني سوف يترتب عليه طلاق زوجته الأولى ؟
إذا خان الزوج الزوجة وهو قادر على الزواج والعفة وأنقص الكثير من حقوق الزوجة وبخاصة المبيت والوطء ثم خانته الزوجة ما حكمهما في الدين؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن وقوع الرجل أو المرأة في الزنا أو ما دونه من أي علاقة مشبوهة محرمة ، هو خيانة لحق الله تعالى، ونقض لميثاقه سبحانه، وتعد لحدوده، وهذا الأمر هو الذي ينبغي أن يشتغل به المسلم وأن يفكر فيه كثيرا كثيرا، فإن العزيز الجبار القوي القهار خلق هذا الإنسان من العدم، وأنعم عليه بعظيم النعم، ورزقه الصحة في بدنه، والعقل الذي به يزن الأمور، ويهتدي به إلى خالقه، والعبد محاسب على كل صغيرة وكبيرة، فالعاقل من أعد للسؤال جوابا، وقام بما أوجب الله عليه ، وانتهى عما نهى الله عنه.
والعاقل يعلم أن الله الذي أنعم بهذه النعم قادر على سلبها، قال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ {الأنعام: 46} ولذا فهو يشكر الله على نعمه، ويخشى أشد الخشية من الوقوع في أي أمر يغضب الله تعالى, قال سبحانه وتعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى {النازعات: 40-41}
أما من انساق وراء شهوته، واتبع هواه، فقد انحط عن رتبة الإنسانية إلى رتبة الحيوانية، قال سبحانه: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا {الفرقان: 43-44}
ولذا نقول: الزنا من أكبر الكبائر وأقبح الفواحش، ولا فرق في الأصل بين أن يصدر هذا الفعل الشنيع من رجل أو امرأة، متزوج أو غير متزوج ، وقع فعله القبيح كردة فعل لما صدر من الطرف الآخر أو لا ، كل هذا زنا وكله داخل تحت قوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء: 32}، وكل هؤلاء داخلون تحت قوله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ {الفرقان: 68- 70} وأصحابه عرضة لأن يشملهم الوعيد الوارد في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم التي قصها على الصحابة الكرام وفيها : فانطلقنا فأتينا على مثل التنور قال وأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات قال فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا ، وفي آخر الحديث سأل عنهم صلى الله عليه وسلم فقيل: وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني. رواه البخاري.
ولذا فلا يجوز للمسلم أن يفكر في معصية الله تعالى وانتهاك حرماته بسبب أن غيره فعل ذلك، أيُّ عقل يدعو إلى هذا؟! وأيُّ دين يسمح للمسلم بهذا؟!
وإثم الزنا وعقوبته سواء في حق الرجل والمرأة ولا نعلم في ذلك خلافاً، فكل منهما مرتكب لمعصية كبيرة، وعقوبتهما إن كانا غير محصنين سواء، وعقوبتهما إن كانا محصنيين سواء، وزنى الرجل بامرأة متزوجة أشد إثما من زناه بغير المتزوجة لأنه انضاف إلى المعصية والكبيرة ذنب آخر وهو أن يُدخِل على زوج المزني بها من ليس منه، ويؤدي إلى اختلاط الأنساب، وكذلك زنى المرأة المتزوجة أشد إثما من زنا غيرها لأنها تدخل على زوجها من النسل من ليس منه ، هذا بالإضافة إلى ما قد ينجر من الأمراض الفتاكة عن ارتكاب الفواحش، ولا شك أن من أصيب بشيء منها فهو عرضة إلى نقله إلى غيره.
وأما عن زواج الرجل بثانية فلا يلزمه إخبار زوجته الأولى بذلك، وإن كان إخبارها أولى، وليس هناك شروط لتعدد الزوجات إلا القدرة على النفقة والعدل في النفقة الواجبة والمبيت والمعاشرة بالمعروف، ولا يترتب على الزواج بثانية طلاق الأولى إلاّ إذا رفضت المرأة الاستسلام لما قضاه الله تعالى في حق الرجال من جواز الزواج بثانية وثالثة ورابعة، وفي هذه الحالة تكون المرأة هي التي قضت على حياتها الزوجية وعصت ربها.
والله أعلم.