السؤال
أخوكم في الله يسأل وقد اختلط عليه الأمر حتى وصل به الأمر إلى اليأس، حيث إنني في أحد الأيام غرني الشيطان فزنيت بأختي مع أني لم آتيها من قبلها بل في دبرها دون الإيلاج، والآن لا أعرف كيف أتوب لأنه حسب ما قرأت يجب إقامة الحد، مع العلم بأنني في بلد مسلم لا يقيم حدود الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإتيان المرأة في دبرها زنا، وإن كان الزنا ذنباً غليظاً ومحرما، فإن الزنا بين المحارم أشد تحريماً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من وقع على ذات محرم فاقتلوه. رواه أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه. وقال ابن حجر في الزواجر عن اقتراف الكبائر: وأعظم الزنا على الإطلاق زنا المحارم. انتهى.
وذلك لأن المحرم مطلوب منه الحفاظ على عرض محارمه والذود عنه، لا أن يكون هو أول الهاتكين له، ولكن الزنا درجات، والذي يترتب عليه إقامة الحد منه إنما هو إيلاج حشفة أو قدرها في فرج محرم لعينه مشتهى طبعاً بلا شبهة، وسواء أكان هذا الفرج قبلا أو كان دبراً، وقال بعض أهل العلم إنه وطء مكلف مسلم فرج آدمي لا ملك له فيه بلا شبهة، تعمداً. وما عداه فإنه وإن سمي زنا إلا أنه لا حد فيه، ولكن يلحق صاحبه الإثم، ويستحق التعزير والتأديب.
وعليه فما صدر منك يعتبر ذنباً ولكنه ليس موجباً للحد، والواجب عليك الآن هو الستر على نفسك والمبادرة إلى التوبة، وأعلم أن باب التوبة مفتوح ولله الحمد، للزاني وغيره، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ {الزمر:53-54}، وقال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة:222}،وقال سبحانه: أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ {التوبة:104}، وشروط التوبة النصوح هنا هي الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العود.
والله أعلم.