السؤال
السؤال الأول : أخي يبلغ من العمر حوالي 14-16 ، وعده صديقه الذي يبلغ من العمر 25-27 بأن يعطيه 300 درهم إن نجح ، فنجح أخي وأعطاه 100 درهم وقال بأنه سيكمل بقية المبلغ في حين آخر ... فأعطيت أنا أخي 200 درهم بنيابة عنه على أساس أن يرجع لي المبلغ صاحب الوعد... فعرف بين الجميع أنه أعطى أخي 300 درهم (علماً أنه لم يكمل المبلغ، و اعتذر عن إكمال المبلغ) فهل تعتبر هذه كذبة ؟؟ (علماً كانت النية بنيت على الاتفاقية!!)
السؤال الثاني: صاحب المبلغ أرسل لي رسالة قائلا إنه يعتذر عن دفع المبلغ لي ويريد أن أعفو عنه شخصيا، فأخبرت أخي الأصغر (عمره7-8) بأن يخبره بأني عفوت عنه عن المبلغ و لكن بشرط بأن يحفظ أخي الأصغر القرآن الكريم إلى سورة معينة.. أكثر العتاب علي وأرسل لي رسائل قائلاً بأن ليس كان علي أن أتدخل بينه وبين أخي .. ولا يحق لي أن أشترط ..وأنني أصبحت فتنة ، وأنه بذلك قد تنقطع الثقة بينه وبين أهلي وصلة الأرحام بين أهلنا بسبب عدم دفعه للمبلغ ! (علماً لم يعلم أغلب الأهل عن هذه الاتفاقية) وماكان ردي إلا أني أخبرته بأني لا أريد المال ولا أريد تحفيظ أخي القرآن . ونبهته عدة مرات بأن لا يرسل لي رسائل (عبر الهاتف). فاعتذر وقال بأنه سيرد المبلغ وسيحفظ أخي القرآن طوال حياته ... وبدأ يشكرني ويعتذر ويمدحني السؤال يا شيخ أليس كل هذا فتنة وابتلاء؟؟ ولا أريد أن أفتتن بأي أحد ، قد تقول يا شيخ علي الابتعاد عنه ولكن هو إمام مسجد كما يدعي ..ووالدي أغلب الأحيان في ذلك المسجد يصلي وأهلي يعرفون أهله وهو يعرفنا ويعاشر جميع إخواني من أكبر واحد إلى أصغر واحد وحتى والدي ... وفي ذلك المسجد حتى أخواتي يتعلمن القرآن! حاولت أن أبتعد ولكن الشيطان يحاول أن يتبعني ، ماذا أفعل ؟ وما هو الملجأ؟؟ما هي توجيهاتكم المفيدة ؟
وجزاكم الله أعلى الجنان .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أن الفتنة بين الرجال والنساء هي أشد الفتن في الدين وأخطرها. ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. ومن رأى افتتان الشباب بالنساء، وكثرة ما يقع من الشر بمصادقتهن، أو النظر إليهن، علم صدق نصح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وكمال شفقته ورحمته بهم.
واعلمي أن ما ذكرته من أن هذا الشاب هو إمام مسجد، وأن والدك في أغلب الأحيان يصلي في ذلك المسجد، وأن أهلك يعرفون أهله، وأنه هو يعرفكم ويعاشر جميع إخوانك من أكبرهم إلى أصغرهم، إلى غير ذلك مما ذكرته وفصلته تفصيلا...
أقول: إن هذا كله إذا لم يكن دليلا على فتنة بعضكم ببعض، فإنه على الأقل ليس دليلا على البراءة من ذلك، وإنما هو في الحقيقة حبالة من حبائل الشيطان ومكيدة من مكائده. فابتعدي وانأي بنفسك عن هذا الشر المستطير.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن ما ذكرته من أن صديق أخيك سيعطيه 300 درهم إن نجح في الامتحان هو وعد من صديق أخيك لأخيك، والوعد قد ذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض المالكية إلى أن الوفاء به مستحب وليس بواجب، فمن ترك الوفاء به فلا إثم عليه، لكن يكون قد ارتكب مكروها كراهة تنزيهية، وذهب بعض العلماء إلى وجوب الوفاء به مطلقا.
ويعني أصحاب القول الأخير: أن الواعد إذا لم يف فهو آثم، وذهب بعض العلماء إلى التفصيل في ذلك، فقال: إن كان الموعود دخل بسبب الوعد في شيء يناله ضرر بالتراجع عنه، وجب الوفاء به، وإلا لم يجب الوفاء به، وكان مستحبا.
وهذا هو مشهور مذهب مالك، وهو أقرب هذه الأقوال إلى الصواب، وأشبهها بما يتماشى مع مقاصد الشرع وقواعده.
والله أعلم.