السؤال
سؤالي جزاكم الله خيرا يتعلق بالعلاقة الزوجية والطلاق , فزوجتي أحيانا تطلب مني الطلاق لأسباب تافهة فحدث أن غضبت منها مرة فقلت لها حسنا، فهل وقع مني الطلاق في هذه الحالة؟ كما حدث مرة أن تدخل والدها للصلح بيننا فبدأت بالصراخ مما اضطرني للقول لوالدها: خذ إبنتك لم أعد أريدها وأنا غاضب فهل وقع مني الطلاق أيضا؟ أيضا زوجتي لاتطيق والدتي وكذلك والدتي لاتطيقها وقد حاولت مرات عديدة أن أصلح بينهم لكن للأسف دون جدوى ولهذا امتنعت زوجتي عن الذهاب لبيت والدي رغم أننا ملاصقان لهم تماما!! وأنا مازلت والحمد لله على علاقتي بوالدي لكن أشعر بحرج كبير جدا عندما يسألني والدي عن سبب عدم مجيء زوجتي , ومما زاد في غضبي وحنقي أنني أعامل أهلها بمنتهى اللطف فأخبرتها أنني لن أذهب إلى أهلها مجددا كما هي تفعل مع والدي فهل علي إثم؟المشكلة أيضا أنني بدأت أكرهها وأدعو عليها وأندم لزواجي منها لكن تتمثل لي الآية الكريمة" فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا" لكنها للأسف تستفزني بكلماتها خصوصا تلك التي تمس رجولتي وكياني وكيان أهلي وتصف أهلي بكلمات جارحة تجعلني أحس بالذل لعدم تطليقي لها فبماذا تنصحونني بارك الله فيكم ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقولك لزوجتك: ( حسنا ) في جواب طلبها الطلاق إن أردت به حسنا أنت طالق فيقع به الطلاق، وإن أردت حسنا سأنظر في الأمر أو حسنا سأطلقك فلا يقع به الطلاق، وهذا التفصيل الذي ذكرناه مبني على أن لفظ ( حسنا ) يراد به ( نعم )، و لم نقف على كلام للفقهاء في حكم إجابة طلب الزوجة الطلاق ب ( حسنا ) ولكنهم تكلموا على إجابة طلبها بنعم ، فذهب الحنفية إلى أن إجابتها بنعم لا يقع بها طلاق ولو نوى الطلاق، قال الإمام ابن الهمام الحنفي : ولو قاله ـ أي : نعم ـ في جواب طلقني لا تطلق وإن نوى، ولو قيل له ألست طلقتها فقال ( بلى ) طلقت أو (نعم ) لا تطلق والذي ينبغي عدم الفرق فإن أهل العرف لا يفرقون بل يفهمون منهما إيجاب المنفي . اهـ .
وقال الحموي الحنفي في غمز عيون البصائر: قوله : قالت له أنا طالق فقال : نعم إلخ . الفرق بين المسألتين أن معنى نعم بعد قولها أنا طالق نعم أنت طالق ومعناها بعد قولها طلقني نعم أطلقك فيكون وعدا بالطلاق لأنها لتقرير ما قبلها . اهـ .
وأما الشافعية فذهبوا إلى أنه إن أجاب طلبها بنعم فهو صريح وقيل كناية ، قال الإمام النووي في المنهاج : ولو قيل له استخبارا أطلقتها فقال نعم فإقرار، فإن قال أردت ماضيا وراجعت صدق بيمينه، وإن قيل ذلك التماسا لإنشاء فقال نعم فصريح وقيل كناية .
وقال الإمام الخطيب الشربيني في مغني المحتاج : ( وإن قيل ) له ( ذلك ) القول المتقدم وهو أطلقت زوجتك ( التماسا لإنشاء فقال نعم ) أو نحوها مما يرادفها ( فصريح ) في الإيقاع حالا لأن نعم ونحوها قائم مقام طلقتها المراد لذكره في السؤال ( وقيل ) هو ( كناية ) يحتاج لنية لأن نعم ليست معدودة من صرائح الطلاق . اهـ .
وأما قولك لوالدها : ( خذ ابنتك لم أعد أريدها ) فهذا اللفظ من كنايات الطلاق فلا يقع به الطلاق إلا إذا نوى المتلفظ به الطلاق فإن لم ينو لم يقع به شيء، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في المغني : القسم الثالث ـ أي من كنايات الطلاق ـ الخفية نحو اخرجي واذهبي وذوقي وتجرعي وأنت مخلاة واختاري ووهبتك لأهلك وسائر ما يدل على الفرقة ويؤدي معنى الطلاق سوى ما تقدم ذكره فهذه ثلاث إن نوى ثلاثا واثنتان إن نواهما وواحدة إن نواها أو أطلق . اهـ .
وعلى المرأة أن تسعى في تحسين علاقتها بوالدي زوجها وأن تحسن إليهما فإن ذلك من الإحسان إلى الزوج ومن حسن عشرته، ولا ينبغي لها أن تمتنع عن زيارة أهل زوجها إذا لم تكن الزيارة تجر إلى ما لا يحمد من الخصام، والواجب على المسلم أن يكون عفيف اللسان طيب الكلام فلا يجوز للزوجة القدح والكلام في أهل زوجها ولا يجوز لهم أيضا القدح والكلام فيها، وننصحك بإمساكها ونصحها وتذكيرها بالله تعالى وحثها على الأخلاق الكريمة .
والله أعلم .