الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن قال لزوجته أنت طالق طالق طالق, فالأمر يختلف باختلاف نيته, فإن نوى التأكيد لطلاقه فإنها تحسب طلقة واحدة, وإن نوى تكرار الطلاق فإنها تحسب ثلاث طلقات.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق. وقال: أردت التوكيد قبل منه؛ لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله عليه السلام: فنكاحها باطل باطل باطل. وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات طلقت ثلاثا. انتهى كلامه.
وأما بالنسبة لطلاق الغضبان فقد سبق الحديث عليه في الفتوى رقم: 11566.
وخلاصة القول فيه أن من وصل به الغضب إلى حد الإغلاق وفقدان الوعي فإن طلاقه لا يقع, قياساً على المكره والمجنون، ولما أخرجه أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق.
وبناء على ذلك فإنا نقول:
أولا: ما وصلت فيه حال إيقاع الطلاق إلى هذه الحالة فإن الطلاق لا يقع, وما لم تصل فيه إلى هذه الحالة وكنت مدركا لأقوالك فإن الطلاق يقع.
ثانيا: إذا كانت مرات الطلاق المعتبرة لم تصل إلى الثلاث فيصح لك مراجعة زوجتك ما لم تنته العدة, وأما إذا وصلت إلى الثلاث فلا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك.
وأما قولك لزوجتك (لو خرجتي من البيت تعتبري طالقة بدون رجعة)، فهذا من الطلاق المعلق ومذهب جمهور العلماء وقوع الطلاق عند حدوث ما علق عليه, وخالف في ذلك ابن تيمية وجماعة من العلماء فقالوا إذا قصد وقوع الطلاق فإنه يقع وإذا لم يقصد وقوعه بل قصد مجرد الزجر والمنع فإن الطلاق لا يقع وعليه كفارة يمين فقط, ولا شك أن الراجح هو رأي الجمهور.
وبناء على ذلك فإن زوجتك بخروجها قد وقع عليها الطلاق ثلاثا وصارت محرمة عليك لا تحل لك إلا بعد أن تنكح زوجا غيرك.
جاء في المغني: وإن قال: أنت طالق لا رجعة لي عليك, وهي مدخول بها، فهي ثلاث. قال أحمد: إذا قال لامرأته أنت طالق لا رجعة فيها، ولا مثنوية. هذه مثل الخلية والبرية ثلاثا ، هكذا هو عندي.
وللفائدة في الموضوع تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11566، 12287، 3795، 3273، 2244.
والله أعلم.