الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشاكل بين الزوجة وبين أهل زوجها مما يقع كثيرا نتيجة للغيرة أحيانا وتوهم كل من الطرفين رغبة الآخر في الاستئثار بالزوج، أو لتصرفات من أي منهما قد يساء فهمها أو لغير ذلك من الأسباب، وحكمة الزوج لها دور كبير في الحيلولة دون وقوع مثل هذه المشاكل أو في حلها بعد وقوعها، فنوصيك بتحري الحكمة والحرص على إعطاء أهلك حقهم وإعطاء زوجتك حقها، وينبغي أن تعمل على كل ما يمكن أن يكون سببا في إشاعة روح الألفة والمودة بينهم، ويمكنك استخدام المعاريض في هذا السبيل، بل ولا بأس بالكذب إن احتجت إليه، فقد رخص الشرع في الكذب من أجل الإصلاح، وما ذلك إلا لأهمية هذا المقصد العظيم، وانظر الفتوى رقم: 117575.
وينبغي أن يسود بينكما أيضا جانب المناصحة وخاصة فيما ذكرت عن زوجتك من أمر التجريح بالكلام عن أهلك ـ إن صح ذلك عنها ـ وينبغي أن تتحرى جانب اللطف والأسلوب اللين في النصح، فإنه أرجى لأن يكون مؤثرا، وليس من حق زوجتك منعك من اصطحاب ابنك عند زيارتك أهلك أو حتى تركه معهم إن لم يخش عليه منهم مفسدة.
وأما بالنسبة للوعد المذكور فلا ندري ما حقيقته ولا بأي صيغة تم، وما يمكننا قوله فيه على سبيل الإجمال هو أن الفقهاء قد اختلفوا في حكم الوفاء بالوعد، وسبق ذكر أقوالهم في ذلك بالفتوى رقم: 12729، وملنا فيها إلى ترجيح مذهب المالكية وجماعة من أهل العلم وهو أن الوعد الذي يترتب عليه دخول الموعود في كلفة يلزم الوفاء به إلا لعذر.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: الوعد: وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد يكون ملزما للواعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقا على سبب، ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد، ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلا بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر. اهـ.
وننبه إلى أن هبة الوالد لأحد أولاده دون الآخرين لا تجوز، فالتسوية بين الأولاد في الهبة واجبة على الراجح من أقوال الفقهاء، كما بينا بالفتوى رقم: 21597 .
ويجوز التفضيل لمسوغ يقتضيه، ولكن على فرض وجود هذا المسوغ فإن الحاجة تندفع بهبة المنفعة وهي السكنى دون تمليك العقار، قال الشيخ ابن عثيمين: إذا كان أحد الأبناء يحتاج إلى سيارة والآخرون لا يحتاجون فإننا لا نعطي المحتاج سيارة باسمه، ولكن تكون السيارة باسم الأب، وهذا يدفع حاجته بانتفاعه بها، وإذا مات الأب ترجع في التركة. اهـ.
وأما الطلاق فإنه مباح وخاصة إن دعت إليه حاجة، وراجع الفتوى رقم: 12963.
ولكن ينبغي عدم التعجل إليه ومحاولة الإصلاح قدر الإمكان، فالصلح خير كما أخبر رب العزة في كتابه، وإن قدر وقوع الطلاق فحقوق المطلقة وولدها قد بيناها بالفتوى رقم: 8845.
والله أعلم.