الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فلا وزر عليك - أيها السائل - فلا تؤاخذ بنظرة الفجأة التي تقع منك على امرأة أجنبية, ما دمت تصرف النظر بعدها, ولا تستديمه, ففي صحيح مسلم عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن نظر الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري.
قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى - عند شرحه لهذا الحديث: وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة: أَنْ يَقَع بَصَره عَلَى الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد, فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي أَوَّل ذَلِكَ، وَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال، فَإِنْ صَرَفَ فِي الْحَال فَلَا إِثْم عَلَيْهِ، وَإِنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ لِهَذَا الْحَدِيث، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِأَنْ يَصْرِف بَصَره, مَعَ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}. اهــ .
ومما يبين هذا أيضًا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي - رضي الله عنه -: يَا عَلِيُّ, لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ, فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى, وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ. رواه أحمد والترمذي وأبو داود.
وإذا لمست يدك يد امرأة عن غير عمد عند دفع النقود مثلًا فلا إثم عليك أيضًا؛ لقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}.
وأفضل سبيل للتخلص مما تعانيه من الوساوس التي ذكرت أنها تطرأ عليك في كل شيء هو الإعراض عنها بالكلية, وعدم الاستجابة لها, ولا الالتفات لداعيها, فإنك متى ما أعرضت عنها ولم تلتفت إليها زالت عنك - بإذن الله -.
وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان علاج الوسوسة في الطهارة والاستنجاء والعقيدة وغيرها, وفيها غنية عن الإعادة هنا, فانظر على سبيل المثال الفتوى رقم: 154307 عن علاج الوسواس في الاعتقاد والطهارة والصلاة, والفتوى رقم: 112217, والفتوى رقم: 106886, والفتوى رقم: 112530 - نسأل الله أن يشفيك -.
والله تعالى أعلم.