الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
1- فعلى أختك أن تتقي الله عز وجل، وتتوب إليه، وتراجع نفسها، فإن ما تفعله من منع زوجها من دخول الشقة إنما هو نشوز محرم بلا ريب، وإذا كان يحرم على الزوجة الامتناع عن أداء حقوق زوجها عليها دون عذر، فكيف بمنعها إياه حقه في شقته هو، كما يظهر من السؤال؟! وانظر الفتويين: 1103، 138832.
وإذا كانت تريد الانفصال لمسوغ شرعي، والزوج يرفض، فلتسلك الطريق الشرعي لذلك بطلب الخلع، أو الطلاق، ويحرم عليها اغتصاب شقة زوجها بغير حق، ولتتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا، طوقه من سبع أرضين. متفق عليه.
2- أما الزوج فلا تلزمه نفقة زوجته شرعًا، والحال ما ذكر؛ فإن الناشز لا نفقة لها، قال ابن المنذر: اتفق أهل العلم على وجوب نفقة الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين، إلا الناشز. اهـ. وانظر الفتوى رقم: 11797.
وحيث إن الزوج قد حاول في إصلاح الحال مع زوجته دون جدوى، فننصحه بطلاقه ، لا سيما وهناك علاقة مشبوهة مع الرجل المذكور، وأما نفقة أولاده فلا تسقط بمجرد عقوقهم، وإنما تسقط إن كان لهم مال يستغنون به، أو كانوا بالغين قادرين على الاكتساب، وراجع الفتوى رقم: 138778.
3- الواجب على والدك أن يتوب مما فعله من شهادة الزور التي هي أكبر الكبائر، كما يجب على والديك الإنكار على بنتهما ما تفعله من نشوز، وعلاقة مشبوهة، وغير ذلك، وقد كان الأحرى بهما أن يخافا من سخط الله عليهما بترك الإنكار الواجب.
وأما تخوفهما من فعلها ما تشاء، فهو في غير محله، فإنها في وضعها الحالي تفعل أيضًا ما تشاء من المنكرات المذكورة، ثم ما يدريهما، فلعل إنكارهما عليها يكون رادعًا لها عما تفعل؛ وعلى ذلك فلا يظهر وجه مصلحة راجحة في تركهما الإنكار عليها، والأصل وجوب الإنكار.
4- لا يلزم والداك أن ينفقا على أولاد أختك مع وجود أبيهم الموسر، قال ابن قدامة في المغني: من كان له أب من أهل الإنفاق, لم تجب نفقته على سواه، وفي حالة ترك أبيهم للنفقة الواجبة فلمن أنفق عليهم أن يطالبه بما أنفق، إن نوى الرجوع عليه، وانظر الفتوى رقم: 18634. وأما أختك، فإن كان راتبها من عملها يكفيها للأكل، والشرب، والكسوة، ونحو ذلك من حاجاتها الأساسية، فلا تجب نفقتها على والديها، وانظر الفتوى رقم: 190697، وما أحيل عليه فيها.
ومجرد إنفاق والديك على أختك، أو إقراضها لا حرج فيه من حيث الأصل، ولا يدخل بالضرورة في تخبيب المرأة على زوجها، ما لم يقصدا بذلك تشجيعها على النشوز، لكن ينظر في ذلك إلى المصلحة، فإن كان ترك الإنفاق والإقراض يردعها عما هي فيه، فحينئذ يتعين ذلك.
5- إن كانت أختك وزوجها قد أهملا تربية أولادهما من الناحية السلوكية، فإنهما يتحملان إثم التقصير في ذلك؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته. متفق عليه.
أما تحملهما إثم ذنوبهم المستقبلية فلا؛ لعموم قوله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}، والإنسان إنما يحاسب على تركه الإنكار الواجب، لا على ذنوب غيره، قال تعالى: وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {الأنعام:69}، ومن باب أولى فلا يتحمل والداك ذنوب أولاد أختك، ثم إن انحراف الأولاد إنما هو بسبب إهمال تربيتهم، لا بدعم أمهم.
6- في حالة عدم وجوب نفقة أختك على والديها، فلا يجوز لهما تخصيصها بالنفقة دون باقي أولادهما، وانظر الفتوى رقم: 255313، وكذلك لا يجوز تخصيصها بالقرض دون الباقين، كتخصيصها بسائر التبرعات، وانظر الفتوى رقم: 76687.
أما في حالة وجوب نفقتها عليهما، فلا يلزمهما التسوية بينها وبين سائر أولادهما، فالنفقة تكون بحسب الحاجة، ولا يعتبر فيها التساوي، بخلاف الهبات وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 188021 ،124575 وإحالاتهما.
والله أعلم.