الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما المال الذي أرسلْتَه لأمك لتنفقه على نفسها؛ فليس لك أن تسترده؛ لأنه إن كان هدية منك، فالهدية لا تسترد، وإن كانت فقيرة، فنفقتها واجبة عليك. ففي كلا الحالين لا تسترد المال الذي أرسلته لها لنفقتها، وانظر الفتوى: 97810. حول النفقة على الأم بين الوجوب والاستحباب.
وليس لها أن تؤثرك بعطية كأن تكتب الأرض باسمك؛ لما دل عليه الشرع من المنع من التفضيل بين الأولاد ذكورا وإناثا من غير مسوغ شرعي، وانظر الفتوى: 411310. حول تفضيل الأمّ بعض أولادها على بعض في العطية، ومسوغات التفضيل.
وأما المال الذي أنفقته أمك على أخيك وأختك؛ فإن كانا ممن تجب نفقتهما عليك؛ فليس لك أن تسترده أيضا، وقد بينا في فتاوى سابقة متى تجب نفقة الأخ والأخت على أخيهم، وانظر الفتويين التاليتين: 44020، 64958.
وأما إن كانت نفقتهما ليست واجبة عليك، وأنفقته أمك عليهما دون إذنك؛ فلك الحق في أخذ المال، لا سيما إن كانت غنية، وأرادت هي من تلقاء نفسها دون مطالبة منك أن ترده إليك، فلا حرج عليك في أخذه.
وإذا تقرر أن لك الحق في المال، فلو دفعت لك شيئا آخر عوضا عنه، وتصالحتما عليه؛ فلا إشكال. كأن تعطيك أرضا مقابل ما لك من مال، إلا إذا كانت قيمة الأرض كبيرة مقابل المال الذي لك، فيظهر هنا أنها أرادت تخصيصك بالهبة، لا مجرد إرجاع حقك لك.
وقد ذكرنا في فتاوى سابقة أن بيع الوالد لولده شيئا، ومحاباته في الثمن هو في الحقيقة هبة في صورة بيع، وأنه يجب فيها العدل. وانظر الفتويين التاليتين: 45188، 237985.
والأم مطالبة بالعدل بين أولادها كالأب، وليس لها أن تفاضلك على إخوانك بتلك الأرض، ولو في صورة فيها معاوضة.
وأما إن كانت سترد حقك لك بناء على مطالبتك؛ فقد سبق أن بينا حكم مطالبة الولد لأبيه بماله الذي له عليه، وذلك في الفتوى: 65184. وذكرنا هناك أن له على قول الجمهور مطالبة والده بماله إذا كان الوالد غنيا عنه، لا سيما إذا كان الولد محتاجا للمال، وإن ترك المطالبة به، فإنه يؤجر على ذلك، لأنه من البر والإحسان بالوالد.
والله أعلم.