ذكر فسخ نكاح المرأة إذا سبيت ولها زوج وإباحة وطئها بعد الاستبراء
قال الله - جل ذكره - ( حرمت عليكم أمهاتكم ) إلى قوله: ( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ) .
اختلف أهل العلم في تأويل هذه الآية .
فقالت طائفة في والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ) : هن ذوات الأزواج من الحرائر والإماء، قوله: ( بشراء أو هبة أو ميراث أو غير ذلك من وجوه الملك ملكتها به، فإن ذلك فسخ نكاحها من زوجها، وتحرم عليه، وتباح لك بملك اليمين . فكل ذات زوج من حرة أو أمة فحرام نكاحها، إلا أمة لها زوج فملكها
8567 - حدثنا يحيى بن محمد قال: حدثنا أبو عمر قال: حدثنا ، عن أبو عوانة [مغيرة] ، عن إبراهيم، عن في قول الله عز وجل: ( ابن مسعود والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ) قال: كل ذات زوج عليك حرام إلا ما اشتريت بمالك، وكان يقول: بيعها طلاق . [ ص: 284 ]
8568 - حدثنا قال: حدثنا موسى بن هارون يحيى قال: حدثنا قيس، عن خصيف، عن مجاهد، عن ( ابن عباس حرمت عليكم أمهاتكم ) إلى قوله: ( والمحصنات من النساء ) ، قال: ( كل ذات بعل عليك حرام، إلا ما ملكت يمينك بمنزلة ما تزوجت بمالك محصنات غير مسافحات ) .
8569 - حدثني قال: حدثنا محمد بن أحمد محمد بن نصر قال: حدثنا قال: حدثنا يحيى بن يحيى هشيم ، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن في ابن مسعود قال: بيعها طلاقها . الأمة تباع ولها زوج،
8570 - وقال: حدثنا قال: أخبرنا يحيى بن يحيى هشيم ، عن يونس، عن الحسن، عن مثله . أبي بن كعب
8571 - وقال: حدثنا يحيى قال: أخبرنا خالد بن عبد الله ، عن خالد، عن عكرمة، عن قال: ابن عباس أو أعتقت فهو طلاقها . بيع الأمة طلاقها، وطلاقه طلاقها، وإن وهبت، أو ورثت،
8572 - قال: حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا حدثنا خالد بن الحارث، سعيد، عن عن قتادة، أنس أنه كان يقول: . بيعها طلاقها
8573 - وقد روينا عن أنه قال: هي كل ذات زوج . [ ص: 285 ] الشعبي
وقال عطاء: حرم المحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم إلا أن تكون أمة له عند عبد لك قد أحصنها بنكاح، فتنزعها منه إن شئت .
8574 - حدثنا قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا أبو بكر غندر، عن ، عن ابن جريج عطاء قال: وقال ( ابن عباس إلا ما ملكت أيمانكم ) ينزع الرجل وليدته امرأة عبده .
قال : فمن مذهبه هذا يقول: إذا أبو بكر فقد انفسخ نكاحها، وتعتد عدة الأمة المطلقة، ولا يتلذذ بها وهي في العدة، فإذا انقضت العدة حل له وطؤها . ملك الرجل الأمة ولها زوج
وقالت طائفة: نزلت هذه الآية في السبايا خاصة، فإذا سبيت المرأة ولها زوج، فإن وقوع السباء عليها انفساخ لنكاح الزوج، مع ثبوت ملك المستحقين لها، فلمن ملكها أن يطأها إذا استبرأها بحيضة .
فأما المرأة يكون لها زوج في بلاد الإسلام فحرام على جميع الناس غير زوجها وطؤها. هذا قول عوام علماء الأمصار من أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل الشام من أصحاب الحديث، وأهل الرأي .
وقد روينا على هذا القول روايات:
8575 - حدثنا قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا [ ص: 286 ] أبو بكر عبد الأعلى، عن [سعيد] ، عن عن قتادة، أن أبي الخليل، أبا علقمة الهاشمي حدثه، أن حدثهم، أبا سعيد الخدري والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ) فحلال لكم فأنزل الله: ( . أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين سرية فأصابوا أحياء من العرب يوم أوطاس، ففاتلوهم، فهزموهم، وأصابوا لهم نساء لهن أزواج، فكأن [أناسا] من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تأثموا من غشيانهن من أجل أزواجهن،
8576 - حدثنا قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا الحسن بن الربيع ، عن ابن المبارك سفيان ، عن عن عثمان البتي، عن أبي الخليل، أبي سعيد قال: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ) أصبنا سبايا يوم أوطاس ولهن أزواج، فكرهنا أن نقع عليهن، فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت: ( .
8577 - حدثنا موسى قال: حدثنا قال: حدثنا أبو بكر معاوية بن هشام قال: حدثنا شريك، عن عن عطاء بن السائب، ، عن سعيد بن جبير ابن عباس والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ) قال: من النساء كلهن، إلا ذوات الأزواج من السبايا . [ ص: 287 ] (
8578 - حدثنا قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا أبو بكر عن عبد الوهاب الثقفي، خالد، عن أبي قلابة، عن قال: سبايا كن لهن أزواج قبل أن يسبين . ابن مسعود
وممن مذهبه هذا: ، الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي وأبو قلابة، . وسعيد بن جبير
وقال : نزلت يوم الشعبي أوطاس .
وفي تأويل هذه الآية قول ثالث: وهو أنهن النساء الأربع اللواتي أباح الله في قوله: ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ) ، يقول: أحل الله لك أربعا في أول السورة، . وحرم عليك نكاح كل محصنة بعد الأربع، إلا ما ملكت يمينك
8579 - حدثنا أبو (سعيد) قال: حدثنا قال: أخبرني أبي، عن نصر بن علي إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ( ابن عباس والمحصنات من النساء ) ، فما زاد فهو عليه حرام كأمه وأخته . لا يحل لك أن تزوج فوق أربع،
قال : سقط من كتابي: (عن) . [ ص: 288 ] أبو بكر
وهذا قول . ابن سيرين
وقال عبيدة السلماني، هن النساء الأربع. وقال والحسن بن محمد: عكرمة: ( والمحصنات ) ما وراء الأربع. وقال عزرة: أربع أحلهن الله وحرم ما سوى ذلك .
قال : وفي تأويل هذه الآية قول رابع: أبو بكر
8580 - حدثنا موسى قال: حدثنا قال: حدثنا أبو بكر يحيى بن سعيد ، عن التيمي، عن أبي مجلز، عن أنس ( والمحصنات من النساء ) ، قال: ذوات الأزواج .
قال : وممن مذهبه أن معنى الآية أن الله حرم الزنا: أبو بكر ، سعيد بن المسيب ، وعكرمة مولى ابن عباس وعطاء، ومجاهد .
وقال ( طاووس: إلا ما ملكت أيمانكم ) فزوجك مما ملكت يمينك، يقول: حرم الله الزنا عليك، لا يحل لك أن تطأ إلا ما ملكت يمينك .
وقال في سعيد بن المسيب والمحصنات من النساء ) : ذوات الأزواج، فلا تنكح امرأة زوجين . قوله: (
قال : وأصح هذه الأقاويل مذهب من قال: إن الآية نزلت في السبايا خاصة . أبو بكر
والدليل على أن بيع الأمة لا يكون طلاقا، شراء عائشة وعتقها إياها، وتخيير النبي صلى الله عليه وسلم بريرة بعد العتق. وفي ذلك بيان أن النكاح لا ينفسخ بالبيع، لأن النكاح لو انفسخ بالبيع لم يكن لتخيير النبي صلى الله عليه وسلم امرأة لا زوج لها بين أن تقر عنده أم تختار فراقه. الأخبار الثابتة دالة على هذا القول . [ ص: 289 ] بريرة
8581 - حدثنا قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ عفان قال: حدثنا همام قال: حدثنا عن قتادة، عكرمة، عن ابن عباس كان عبدا أسود يسمى بريرة مغيث، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع قضيات: أن مواليهما اشترطوا الولاء فقضى أن الولاء لمن أعتق، وخيرت فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد ... " أن زوج .
8582 - حدثنا علان بن المغيرة قال: حدثنا قال: أخبرنا ابن أبي مريم محمد بن جعفر قال: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن القاسم، عن زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: عائشة ثلاث سنن: ابتعتها رقبة واشترط أهلها ولاءها فأعتقتها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها أن الولاء لمن أعتق، وكان لها زوج فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أعتقت إن شاءت فارقته، وإن شاءت قرت عنده بريرة مضت في .
قال : أقامت . ابن أبي مريم
قال : وقد روينا عن جماعة من أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المذهب، روينا ذلك عن أبو بكر ، عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان وعلي، . وعبد الرحمن بن عوف
8583 - حدثنا أبو أحمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا يعلى بن عبيد عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أنس بن سيرين، قال: ابن عمر جارية وهو معجب برخصها، [ ص: 290 ] فأتى بها أهله، فقيل له: إن لها زوجا، عبد الرحمن بن عوف فسألها، فقالت: نعم، فأتى زوجها، فقال: طلقها، فأبى، فلم يقربها وردها على صاحبها، ولم يقربها وقال: غششتني، بعتني جارية لها زوج . اشترى
8584 - وحدثونا عن قال: حدثنا علي بن حجر شريك، عن عبيد الله بن سعد، عن يسار بن نمير قال: أمرني عمر أن أشتري له فقال: اشتريت لي جارية لها زوج؟! اشتر لي بضعها، فاشتريت بضعها بخمسمائة أو نحو ذلك . جارية، فاشتريت له جارية لها زوج
8585 - وحدثونا عن محمد بن يحيى ، عن قال: حدثنا أحمد بن صالح قال: أخبرني ابن وهب أن أسامة بن زيد، حدثه، عن ابن شهاب مالك بن أوس الحدثان، أن عبد الله بن عامر لعثمان وليدة، فأراد عثمان أن يقع بها، فقالت: إن لي زوجا، فكتب إليه أن بئس ما صنعت، أرسلت إلي بوليدة لها زوج، فإما أن تسأل زوجها أن يطلقها وإلا رددتها عليك . أهدى
8586 - وحدثونا عن أبي بكر الصنعاني قال: حدثنا محمد بن سابق قال: حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن ، عن أبي الهياج قال: لعلي جارية فجردها فأعجبته، فقال: أفارغة أنت [ ص: 291 ] أم مشغولة؟ فقالت: قد تطهرت، قال: لك زوج؟ قالت: نعم، قال: أرضوه، قال: فأبى أن يرضى، فردها ومعها مائتا درهم . اشتريت
8587 - حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا قال: حدثنا سعيد بن منصور هشيم قال: أخبرنا ابن أبي ليلى وحجاج، عن نافع ، عن ، ابن عمر وحجاج، عن إبراهيم، عن شريح، ومغيرة، عن إبراهيم، ويونس، عن الحسن، وحصين عن وإسماعيل بن أبي خالد، أنه قال: إذا تزوج بأمر مولاه فالطلاق بيده، وإذا تزوج بغير أمره فالأمر إلى المولى، إن شاء جمع، وإن شاء فرق . الشعبي
وقد احتج بعض أصحابنا بحجة غير ما ذكرناه، يدل على أن قوله: ( إلا ما ملكت أيمانكم ) خاص في السبي، وإن كان مخرجه عاما .
قال: أجمع أهل العلم أن حرم عليه وطؤها . الرجل إذا زوج أمته
فلو كان قوله: ( إلا ما ملكت أيمانكم ) عاما لوجب أن يباح للذي زوج أمته أن يطأها بملك اليمين، ويطأها أيضا بالنكاح، فيكون فرج واحد مباح وطؤه لرجلين في حال واحدة، فلما أجمعت الأمة على تحريم هذا الفرج على السيد في هذه الحال، ثبت أن إلا ما ملكت أيمانكم ) خاص في السبي، لأن هذه التي زوجها السيد هي مما ملكت يمينه، ووطؤها محظور عند الأمة، فلما أجمعوا على ذلك فباع السيد أمته، وقد زوجها، فإنما يملك المشتري منها ما كان [ ص: 292 ] السيد البائع يملكه، والبائع لم يملك وطأها في حال ما باعها، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما لا يملك البائع، فمحال أن يملك المشتري عن البائع ما لم يكن البائع يملكه في وقت بيعه، وكذلك الموهوب له والوارث. فثبت بما ذكرناه أن الاستثناء في قوله: ( معنى قوله: ( أو ما ملكت أيمانكم ) خاص في السبايا على ما ذكره . أبو سعيد الخدري