ذكر ما يضمن المرء من عقر الكلب ولا يضمن 
اختلف أهل العلم في الرجل يستأذن في منزل قوم ويدخل بإذنهم فيعقره كلبهم   . فقالت طائفة : إذا دخل بإذنهم ضمنوا ، وإن دخل بغير إذنهم لم يضمنوا . كذلك قال شريح  ،  والشعبي  ،  والنخعي  ،  وحماد بن أبي سليمان   . وكان شريح  يضمن عقر الكلب إذا عقر في غير ملك صاحبه . 
وقال  حماد بن أبي سليمان   : إذا عقر في دار صاحبه لم يضمن ، وإن عقر خارجا ضمن . 
وقال كثير من أهل العلم : إن انفلتت دابة رجل لم يضمن ، وإن أرسلها إرسالا فعقرت ضمن ، والحجة في ذلك قوله :  "العجماء جرحها جبار" وهي : الدابة المنفلتة ما أصابت في حال انفلاتها فلا شيء على صاحبها . 
وكان مالك يقول فيمن اقتنى كلبا في دار (لماشية) فعقر ذلك  [ ص: 339 ] الكلب إنسانا قال : إذا (أفلته) وقد علم أنه [يفترس] الناس ويعقرهم فهو ضامن . 
وقال  إسحاق بن راهويه  في البعير المغتلم : إن تركه عمدا نهارا أغرم ، وإن انفلت منه لم يضمن ما كان نهارا ، كل ما أصاب العجماء والدواب ليلا غرم . كذلك قضى فيه داود  وسليمان  ومحمد  صلوات الله عليهم أجمعين . واتبعهم أهل العلم فأخذوا بما سنوا . 
وقال أصحاب الرأي : إذا أوقف الرجل في ملكه دابة ، ثم أصابت إنسانا فقتله فلا ضمان عليه ، ولا فيما كدمت ، وكذلك الكلب العقور بمنزلة الدابة إذا كان في الدابة مخلى عنه ، أو مربوط فهو سواء ، وإذا دخل رجل دار قوم بإذنهم أو بغير إذنهم فعقره كلبهم فلا ضمان عليهم . 
وكان  مالك  يقول في الكلب العقور والجمل العقور : إذا أوقفه صاحبه في داره ثم جاء رجل فأطلقه فعقر أحدا قال  مالك   : الغرم على صاحبه . قيل لمالك : وإن دخل بغير إذن ؟ قال : قال  مالك   : السائل وغيره ليس عليهم إذن ، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب  . وقال قائل في السبع الضاري والكلب العقور : يضمن ما أصابه . دخل الدار بإذن أو بغير إذن ، لأنه ليس له أن يمسك كلبا عقورا في مكان يصل إلى عقل الناس ، وليس لأحد أن يتخذ بين المسلمين ما يعقرهم .  [ ص: 340 ] 
				
						
						
