باب تحريم ثمن الخمر والميتة.
قال الله سبحانه وتعالى: ( حرمت عليكم الميتة والدم ) الآية.
2040 - أخبرنا ، أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، نا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا قتيبة ، عن الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عطاء بن أبي رباح ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول عام الفتح وهو بمكة: جابر بن عبد الله " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام ". فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: " لا، هو حرام " ، ثم قال [ ص: 27 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: " قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه، فأكلوا ثمنه " .
هذا حديث صحيح.
قال الإمام: في دليل على تحريم بيع الأعيان النجسة، وإن كان منتفعا بها في أحوال الضرورة، كالسرقين ونحوه، وفيه دليل على أن تحريم بيع الخمر والميتة لا يجوز لنجاسة عينه، وأما بعد الدباغ فيجوز عند أكثر أهل العلم، لقوله عليه السلام: بيع جلد الميتة قبل الدباغ " أيما إهاب دبغ فقد طهر " .
وقال : لا يجوز. مالك
واختلفوا في عظم ما لا يؤكل لحمه، وفي عظام الميتة.
فذهب قوم إلى نجاستها، وتحريم التصرف فيها، وهو قول . الشافعي
وذهب قوم إلى أنها لا حياة فيها، ولا يحلها الموت، وهي طاهرة بعد زوال الزهومة عنها، وقالوا بطهارة العاج، وهو قول أصحاب الرأي.
وقال : أدركت ناسا من الزهري علماء السلف يمتشطون بها، ويدهنون فيها، لا يرون به بأسا. [ ص: 28 ] .
وقال ابن سيرين وإبراهيم : لا بأس بتجارة العاج.
ومن حجتهم ما روي عن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ثوبان لفاطمة سوارين من عاج " " اشتر .
ومن لم يجوز بيعه قال: ليس المراد من العاج في الحديث عظم الفيل، وإنما المراد منه الذبل، وهو عظم سلحفاة البحر، وهو طاهر كعظم الحوت.
، دليل على هذا أيضا، وعلى أن ما لا ينتفع به من الحيوانات لا يجوز بيعها، مثل: الأسد، والقرد، والدب، والحية، والعقرب، والفأرة، والحدأة، والرخمة، والنسر، وحشرات الأرض، ونحوها. وتحريم بيع الخنزير
وفيه دليل على أن من أراق خمرا لنصراني، أو قتل خنزيرا له، أنه لا غرامة عليه، لأنه لا ثمن لهما في حق الدين.
وفي تحريم دليل على تحريم بيع جميع الصور المتخذة من الخشب، والحديد، والذهب، والفضة، وغيرها. بيع الأصنام
وعلى تحريم ، مثل: الطنبور، والمزمار، والمعازف كلها. بيع جميع آلات اللهو والباطل
فإذا طمست الصور وغيرت آلات اللهو عن حالتها، فيجوز بيع جواهرها وأصولها، فضة كانت أو حديدا أو خشبا أو غيرها. [ ص: 29 ] .
قال : ويدخل في النهي كل صورة مصورة في رق أو قرطاس مما يكون المقصود منه الصورة، وكان الرق تبعا له. الخطابي
فأما الصور المصورة في الأواني والقصاع، فإنها تبع لتلك الظروف، بمنزلة الصور المصورة على جدر البيوت والسقوف، وفي الأنماط والستور، فالبيع فيها لا يفسد، وفي معناها الدور التي فيها التماثيل.
وفي الحديث دليل على أن لا يجوز، واختلفوا في جواز الانتفاع به. بيع شعر الخنزير
فممن منع منه: ، ابن سيرين والحكم ، وحماد ، وإليه ذهب ، الشافعي ، وأحمد وإسحاق ، ورخص فيه ، الحسن ، والأوزاعي ومالك ، وأصحاب الرأي .
وجوز الشافعي ، إذا لم يستعمل في نفسه، فجوز تسجير التنور بالعذرة، وإيقاد النار بعظم الميتة، وأن تزبل الأرض بالسماد، وقال: إذا عجن بماء نجس، أطعم نواضحه وكلابه، ويلبس فرسه وأداته جلد ما سوى الكلب والخنزير، وجوز الاستصباح بالزيت النجس. استعمال نجاسة غير الكلب والخنزير
وهو قول أكثر أهل العلم، ولا نعلم خلافا في أن من ماتت له دابة يحل له أن يطعم لحمها كلابه وبزاته.
وقال : ولا يصل ما انكسر من عظمه إلا بعظم ما يؤكل لحمه ذكيا، وقال: لا يدهن السفن بشحوم الخنازير. الشافعي