فأما فروى عنها في ذلك أنهم إنما كانوا أهلوا بالعمرة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم بعد ذلك : عروة " من لم يكن معه هدى فليهلل بالحج مع العمرة ، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا " .
1277 - كما حدثنا يونس ، قال حدثنا ، أن ابن وهب ، حدثه ، عن مالكا ، عن ابن شهاب عن عروة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أنها قالت : عائشة مكة وأنا حائض ، فلم أطف بالبيت ، ولا بين الصفا والمروة ، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : انقضي رأسك ، وامتشطي ، وأهلي بالحج ، ودعي العمرة . قالت : ففعلت ، فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن إلى التنعيم ، فاعتمرت ، فقال : هذه مكان عمرتك .
[ ص: 81 ] قال : فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، ثم حلوا ، ثم طافوا طوافا أخيرا بعد أن رجعوا من منى بحجهم ، وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا . خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فأهللنا بالعمرة ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان معه هدى فليهلل بالحج مع العمرة ، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا . قالت : فقدمت
ففي هذا الحديث أن الناس قد كانوا ابتدأوا الإحرام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة ، ثم أضاف بعضهم إليها حجة ، وفيه ما يدل على أن الذين جمعوا بين الحج والعمرة لم يحلوا من حجهم ، ولم يكونوا ممن فسخ الحج وفيه أيضا ما يدل على أن الذين كانوا حلوا ثم أحرموا بالحج ، إنما كانوا حلوا من عمرة ، ثم أحرموا بالحج بعد ذلك بمكة وهذا الحديث فليس فيه شيء من فسخ الحج المذكور في غيره ، وقد روى ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة في هذه القصة خلاف هذا المعنى وذلك أن : عائشة
1278 - محمد بن خزيمة ، حدثنا ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا ، قال أخبرنا حماد بن سلمة ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة ، قالت : عائشة
قالت : فمنا المهل بالحج ، ومنا المهل بالعمرة ، فلبيت بعمرة قالت : فأزفني نوم . عائشة خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موافين هلال ذي الحجة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شاء أن يهل بالعمرة فليهل ، ومن شاء أن يهل بالحج فليهل . فأما أنا فإني أهل بالحج ، لأن معي الهدي .
قال : فذكر حرفا معناه أبو جعفر عبد الرحمن بن أبي بكر ، فذهب بها إلى التنعيم ، فلبت بالعمرة قضاء لعمرتها " . " فأدركني يوم عرفة وأنا حائض ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعي عمرتك ، وانفضي شعرك ، وامتشطي ، ولبي بالحج ، فلما [ ص: 82 ] كانت ليلة البطحاء طهرت ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
1279 - وإن ، أبا بكرة بكار بن قتيبة وأبا عمرو محمد بن خزيمة ، حدثنا جميعا ، قالا : حدثنا قال حدثنا عثمان بن الهيثم ، قال : أخبرني ابن جريج ، عن هشام بن عروة عن عروة ، ، قالت : عائشة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : من شاء فليهل بالحج ، ومن شاء فليهل بالعمرة ، فحضت ، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمرني أن أنفض رأسي ، وأمتشط ، وأدع عمرتي .
ووافق على ما رواه ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة ، عائشة ، عكرمة فرويا عن وابن أبي مليكة ، مثل ذلك أيضا . عائشة
1280 - حدثنا ، قال حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال حدثنا يوسف بن عدي ، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، ، عن إسرائيل يونس ، عن زيد بن الحسن ، عن ، عن عكرمة ، مثله . عائشة
1281 - حدثنا ، قال حدثنا ابن أبي داود يوسف ، قال حدثنا عن ابن أبي زائدة ، ، عن نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة ، ، مثله . عائشة
وفي حديث الذي ذكرناه ، وفي حديثي هشام عكرمة اللذين وصفنا ، وابن أبي مليكة وليس في شيء منها من فسخ الحج شيء . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان خيرهم في بدء إحرامهم ، بين الإهلال بالحج وبين الإهلال بالعمرة ،
وقد روى محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أبو الأسود هذا الحديث عن عن عروة ، بألفاظ سوى الألفاظ التي رواه عليها عائشة ، ابن شهاب عن وهشام بن عروة ، عروة .
1282 - فحدثنا يونس ، قال أخبرنا ، أن ابن وهب ، حدثه ، عن مالكا عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة بن الزبير ، ، أنها قالت : عائشة خرجنا مع [ ص: 83 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع ، فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بالحج ، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج ، فأما من أهل بعمرة فحل ، وأما من أهل بحج ، أو جمع بين الحج والعمرة ، فلم يحلوا حتى كان يوم النحر .
ففي هذا الحديث إحرام بعضهم مع النبي صلى الله عليه وسلم بعمرة لا حج معها ، وإحرام بعضهم بالحج لا عمرة معه ، وإحرام بعضهم بالحج والعمرة جميعا . وفيه نفى فسخ الحج الذي روي في غيره عن ، وعن غيرها ممن قد رويناه في هذا الباب . عائشة
وفيه أيضا ما يدل على أنهم قد كانوا علموا بالعمرة في أشهر الحج قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم مكة ، لما قدمها له على خلاف ما قال " كانوا يعدون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور " ، وإنهم إنما عرفوا الاعتمار في أشهر الحج لما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومه ابن عباس مكة على ما رويناه عنه فيما تقدم من هذا الباب .