وأما قوله عز وجل : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) ، فقد اختلف أهل العلم في المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها ، ماذا تنقضي به عدتها من وفاته ؟ .
فقال قوم : لا تنقضي عدتها إلا بآخر الأجلين من وضع حملها ، أو مضي أربعة أشهر وعشر عليها ورووا ذلك عن ، علي بن أبي طالب . وابن عباس
1822 - كما حدثنا نصر بن مرزوق ، قال حدثنا الخصيب ، قال حدثنا ، عن حماد بن سلمة ، عن قتادة خلاس ، قال : تعتد الحامل المتوفى عنها زوجها آخر الأجلين . عليا ، أن
1823 - حدثنا ، قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن أبو داود الطيالسي شعيب ، قال : سمعت عبيد بن الحسن ، قال : سمعت يقول : ابن معقل ، يسأل عن الحامل المتوفى عنها زوجها ، فقال : تعتد آخر الأجلين . عليا شهدت
فقيل له : إن أبا مسعود البدري يقول : لتبتغي بنفسها ، فقال : إن فروجا لا تعلم [ ص: 336 ] شيئا فبلغ ذلك فقال : بلى ، إني لأعلم أن الآخر فالآخر سر . أبا مسعود ،
1824 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال حدثنا ، قال حدثنا سعيد بن منصور هشيم ، قال أخبرنا ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار ، أنه قال : ابن عباس المتوفى عنها زوجها تنتظر آخر الأجلين ، يعني إذا كانت حاملا .
وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : عدتها أن تضع حملها ، فإذا وضعت فقد حلت ورووا ذلك عن وابنه عمر بن الخطاب ، ، عبد الله وابن مسعود ، وأبي هريرة ، وأبي مسعود البدري .
فأما ما رووه عن فقد دخل في حديث أبي مسعود البدري إبراهيم الذي ذكرناه وأما الآخرون فإن يونس :
1825 - حدثنا ، قال حدثنا سفيان ، عن ، الزهري سالما ، يقول : سمعت رجلا ، يقول لأبي ، سمعت أباك ، يقول : إذا وضعت الحامل المتوفى عنها زوجها ذا بطنها ، وزوجها على السرير ، فقد حلت . سمع
1826 - حدثنا صالح ، قال حدثنا سعيد ، قال أخبرنا هشيم ، قال حدثنا يحيى ، عن ، نافع ، أنه كان يقول : إذا وضعت فقد حلت فقال له رجل من الأنصار : سمعت ابن عمر يقول : إذا وضعت ما في بطنها وزوجها على السرير قبل أن يدلى في حفرته فقد انقضت عدتها . عمر بن الخطاب ، عن
1827 - حدثنا نصر بن مرزوق ، قال حدثنا الخصيب ، قال حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن ، عن نافع ، قال : ابن عمر إن ولدت المرأة بعد وفاة زوجها بيوم فقد حلت .
[ ص: 337 ] فهذا ما روي عن ، عمر ، وأما وابن عمر ، ابن مسعود فسنذكر ما روي عنهما في بقية هذا الباب إن شاء الله ، غير أنه روي عن وأبو هريرة خلاف لهذا القول وموافقة لمذهب ابن مسعود علي . وابن عباس
فلما اختلفوا هذا الاختلاف وجب أن ننظر فيما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هل فيه ما يدل على واحد من هذين المذهبين ؟ فنظرنا في ذلك فإذا يونس :
1828 - قد حدثنا ، قال حدثنا ، قال : أخبرني ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، حدثه ، عبيد الله بن عبد الله عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على فيسألها عن حديثها ، وعما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استفتته ، فكتب سبيعة ابنة الحارث ، إلى عمر : أن عبد الله أخبرته أنها كانت تحت سبيعة سعد بن خولة ، وهو من بني عامر بن لؤي ، وكان ممن شهد بدرا ، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ، فلم تمكث أن وضعت حملها بعد وفاته ، فلما تعالت من نفاسها تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك ، رجل من بني عبد الدار ، فقال لها : مالي أراك متجملة ، لعلك تريدين النكاح ؟ إنك والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر قالت فلما قال ذلك جمعت على ثيابي حين أمسيت ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألته عن ذلك ، فأفتاني أني قد حللت حين وضعت حملي ، وأمرني بالتزويج إن بدا لي . سبيعة : أن أباه كتب إلى
1829 - حدثنا إبراهيم ، قال حدثنا ، قال أخبرنا يحيى بن حماد ، عن أبو عوانة ، عن منصور إبراهيم ، عن ، عن الأسود أبي السنابل بن بعكك ، وضعت بعد وفاة زوجها بثلاث وعشرين أو خمس وعشرين ليلة ، فتشوفت للنكاح ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن تفعل فقد خلا أجلها ، سبيعة بنت الحارث أن .
[ ص: 338 ] 1830 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن جناد البغدادي ، قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الطالقاني ، قال حدثنا عن زياد بن عبد الله البكائي ، ، الأعمش ومنصور ، عن إبراهيم ، عن ، عن الأسود أبي السنابل ، مثله .
1831 - حدثنا ، قال حدثنا يحيى بن عثمان نعيم ، قال أخبرنا ، قال حدثنا ابن المبارك ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة المسور بن مخرمة ، توفي عنها زوجها ، فولدت بعد وفاته بيسير ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح . سبيعة أن
1832 - حدثنا ، قال حدثنا ابن أبي داود الوهبي ، قال حدثنا ، عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي ، قال : أبي سلمة ، ابنة الحارث ، وكان زوجها سبيعة سعد بن خولة توفي عنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، قالت : فلما مضى شهران بعد موته وضعت ، فخطبني أبو السنابل بن بعكك أحد بني عبد الدار ، فتهيأت لنكاحه ، فدخل على حموي ، وقد كان يريدني ، فقال : ما لك يا قد تهيأت للنكاح ؟ قالت : قلت ، أجل قال : كلا والله إنه لآخر الأجلين فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت سبيعة فذكرت ذلك له ، فقال : نعم ، تزوجي ، . أم سلمة ، دخلت على
1833 - حدثنا ، قال حدثنا ابن أبي داود عباس بن الوليد الرقام ، قال حدثنا قال حدثنا عبد الأعلى ، فذكر بإسناده مثله . ابن إسحاق ،
قال أبو سلمة : فبينا أنا جالس مع ، ومعي ابن عباس ، إذ دخل رجل يسأل عن ذلك ، فقال أبو هريرة : ابن عباس آخر الأجلين .
قال قلت : قد حلت قال : فقال أنا مع ابن أخي أقول كما قال . أبو هريرة
[ ص: 339 ] قال : فقال : ولم فعلت ؟ فقال : هذه ابن عباس حية لم تمت ، تخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بالتزويج وهي في بيت سبيعة أم سلمة .
قال : فبعث مولى له إلى يسألها عن ذلك ، وقال : إن هذا لشيء ما سمعت به ، فرجع إليه مولاه من عند أم سلمة أن : نعم ، قد كان ذلك في بيتي حين أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك . أم سلمة
1834 - حدثنا قال حدثنا الحسين بن نصر البغدادي ، ، قال حدثنا محمد بن يوسف الفريابي سفيان ، عن ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار عن كريب ، قالت : أم سلمة ، فوضعت بعد وفاته بأيام ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتزوج . سبيعة ابنة الحارث ، توفي زوج
1835 - حدثنا ، قال حدثنا ابن أبي داود قال حدثنا محمد بن المنهال ، ، عن يزيد بن زريع عن حجاج الصواف ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : أبي سلمة بن عبد الرحمن ، ابن عباس في المرأة إذا وضعت ، فأرسل وأبو هريرة غلاما له يقال له : ابن عباس إلى كريب ، يسألها عن ذلك ، فقالت أم سلمة إن أم سلمة وضعت بعد وفاة زوجها بعشرين ليلة ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمرها أن تتزوج . سبيعة ابنة الحارث اختلف
1836 - حدثنا محمد بن خزيمة قال حدثنا قال حدثنا يوسف بن عدي ، عن عبد الله بن إدريس ، ، عن محمد بن عمرو أبي سلمة ، ، قال : عدة الحامل المتوفى عنها زوجها آخر الأجلين إذا وضعت حملها . ابن عباس
قال : فأرسلنا إلى أبو هريرة فأخبرتنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها إذا وضعت أن تنكح . سبيعة عن
1837 - حدثنا يونس ، قال حدثنا ، قال : أخبرني ابن وهب ، عن مالك عبد [ ص: 340 ] ربه بن سعيد ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أنها قالت : ولدت أم سلمة بعد وفاة زوجها بنصف شهر ، فخطبها رجلان أحدهما كهل والآخر شاب ، فخطب إلى الشاب ، وقال الكهل : لم تحل ، وكان أهلها غيبا ، ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها ، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : قد حللت ، انكحي من شئت ، . سبيعة الأسلمية عن
1838 - حدثنا يونس ، قال حدثنا ، قال حدثني ابن وهب عن ابن لهيعة ، ، عن بكر بن عبد الله بشر بن سعيد ، عن الطفيل بن أبي بن كعب ، أنه سمع أم الطفيل ، تذكر ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فهذه الحجة قد قامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ذهب إليه ، عمر ، ومن ذكرنا معهما وقد روي في ذلك وجه آخر يدخل في هذا الباب . وابن عمر
1839 - كما حدثنا ، قال حدثنا يحيى بن عثمان نعيم ، قال حدثنا ، قال حدثنا ابن المبارك حماد ، عن عن ابن عون ، محمد ، قال : جلست إلى مجلس فيه عظم من الأنصار ، وفيهم فذكر حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عبد الله بن عتبة في شأن فقال سبيعة ، ولكن عمه لا يقول ذلك ، فقلت : إني لجريء أن أكذب عن رجل في جانب عبد الرحمن بن أبي ليلى : الكوفة ، ورفعت صوتي ، قال : ثم خرجت فلقيت مالك بن عامر ، ومالك بن عوف ، فقلت : كيف كان قول في ابن مسعود قال : فقال المتوفى عنها زوجها وهي حامل ؟ : أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة ؟ أنزلت سورة القصرى بعد الطولى . عبد الله
1840 - حدثنا سليمان بن شعيب ، قال حدثنا عبد الرحمن الثقفي ، قال حدثنا ، عن زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، الأسود ومسروق ، وعبيدة ، عن ، قال : عبد الله عدة المطلقة من حين تطلق ، والمتوفى عنها زوجها من حيث يتوفى ، ومن شاء قاسمته ، [ ص: 341 ] أو كما قال ، أن سورة النساء القصرى أنزلت بعد البقرة .
1841 - حدثنا ، قال حدثنا أبو أمية شريح بن النعمان ، وأحمد بن إسحاق الحضرمي ، قالا : حدثنا ، عن حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، مسروق ، عن ، قال : عبد الله وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) . من شاء حالفته أن سورة النساء القصرى أنزلت بعد أربعة أشهر وعشر ، يقول الله عز وجل : (
1842 - حدثنا محمد بن حميد بن هشام ، قال حدثنا ، قال حدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثنا محمد بن جعفر ، ابن شبرمة الكوفي ، عن عن إبراهيم النخعي ، علقمة ، عن ، قال : ابن مسعود وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) ، إلا بعد آية المتوفى عنها زوجها ، إذا وضعت المتوفى عنها فقد حلت يريد بآية المتوفى عنها : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن ) ، الآية . من شاء لاعنته ، ما نزلت : (
وكان الذي ذهب إليه من هذا أن ابن مسعود وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) ، قد أتى على كل معتدة حامل ، فدخلت في ذلك المتوفى عنها زوجها . قول الله عز وجل : (
ولما اختلفوا في ذلك أردنا أن نستخرج الحكم من طريق النظر ، وإن كان الذي رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيعة كافيا من ذلك ، فوجدنا كما قال الله عز وجل : ( المطلقة التي ليس بحامل ، وهي ممن تحيض ، تعتد ثلاثة قروء والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) الآية ورأيناها إذا كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر [ ص: 342 ] اعتدت ثلاثة أشهر كما قال الله عز وجل : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن ) .
ورأينا كما قال الله عز وجل : ( المتوفى عنها زوجها إذا لم تكن حاملا اعتدت أربعة أشهر وعشرا والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) ورأيناها إذا كانت حاملا فمضت عليها أربعة أشهر وعشر ، ولم تضع ، فكل قد أجمع أنها لا تحل حتى تضع حملها ، فدل إجماعهم على ذلك أن قوله عز وجل : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) قد نسخ من قوله عز وجل : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) الحوامل ودل أن المتوفى عنها زوجها الحامل ، لا معنى لمرور الأيام عليها ، وأن المراعى به انقضاء عدتها ، أو فراغ رحمها بوضع حملها كهي لو كانت مطلقة فثبت بما ذكرنا ما روي عن ، ومن ذكرنا معه ممن تابعه على قوله ، وهو قول عمر ، مالك وأبي حنيفة ، وسفيان ، ، وزفر ، وأبي يوسف ومحمد ، وعامة أهل العلم خلا من ذكرنا ممن روي عنه خلاف ذلك ، وخلاف من تابعهم ممن تأخر من أهل العلم . والشافعي ،