147 - أخبرنا محمد بن أبي طاهر الخرقي وعمر بن أحمد السمسار قالا أنا أبو سعيد النقاش ، أنا أبو الحسن محمد بن محمود بن عبد الله المروزي ، ثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان ح قال وأنا أبو سعيد عبد الله بن حامد بن محمد الفقيه ، ثنا أحمد بن محمد بن سعيد البزار قالا ، ثنا ، ثنا علي بن حرب الطائي يعلى بن النعمان البجلي ، ثنا مخزوم بن هانئ ، عن أبيه وكانت له عشرون ومائة سنة قال كسرى فسقطت منه أربع عشر شرفة وخمدت نار لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف سنة ورأى الموبذان كأن إبلا صعابا تقود خيلا عرابا حتى عبرت دجلة وانتشرت في [ ص: 135 ] بلاد فارس فتجلد كسرى وجلس على سرير الملك ولبس تاجه وأرسل إلى الموبذان فقال يا موبذان إنه سقط من إيواني أربع عشرة شرفة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل اليوم بألف عام فقال وأنا أيها الملك قد رأيت كأن إبلا صعابا تقود خيلا عرابا حتى عبرت دجلة وانتشرت في بلاد فارس قال فما ترى ذلك يا موبذان وكان رأسهم في العلم قال حدث يكون من قبل العرب فكتب حينئذ من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر أن ابعث إلي رجلا من العرب يخبرني بما أسأله عنه فبعث إليه عبد المسيح بن حبان ابن بقيلة فقال له يا عبد المسيح هل عندك علم بما أريد أن أسألك عنه قال يسألني الملك فإن كان عندي منه علم أعلمته وإلا فأعلمته بمن عمله علمه فيخبرك به فقال علمه عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح قال فاذهب إليه فاسأله فأخبرني بما يخبرك به فخرج عبد المسيح حتى قدم على سطيح وهو مشرف على الموت فسلم عليه وحياه فلم يجبه سطيح فأقبل يقول :
أصم أم يسمع غطريف اليمن
أم فاز فازلم به شأو العنن
يا فاصل الخطة أعيت من ومن
أتاك شيخ الحي من آل سنن
وأمه من آل ذيب بن حجن
تحملني وجنا وتهوي به وجن
حتى أتى عاري الجآجي والقطن
أزرق بهم الناب صرار الأذن
قال فرفع رأسه إليه وقال : عبد المسيح يهوي إلى سطيح . وقد أهوى على الضريح . بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان . وخمود النيران . ورؤيا الموبذان . رأى إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلاد فارس ، يا عبد المسيح الشام بالشام يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات وكل ما هو آت آت ثم مات [ ص: 136 ] فقام إذا ظهرت التلاوة وغارت بحيرة ساوة وفاض وادي السماوة وخرج منها صاحب الهراوة فليست عبد المسيح وهو يقول :
شمر فإنك ماضي الدهر شمير لا يفزعنك تشريد وتغرير
فربما كان قد أضحوا بمنزلة يهاب صولهم الأسد المهاصير
منهم أخ الصرح بهرام وإخوته والهرمزان وسابور وسابور
والناس أولاد علات فمن علموا أن قد أقل فمحقور ومهجور
وهم بنو الأم إما أن رأوا نشيا فذاك بالغيب محفوظ ومنصور
والخير والشر مجموعان في قرن فالخير متبع والشر محذور
قال أبو سعيد النقاش لفظ حديث المحمودي عن ابن أبي داود .
قال الإمام - رحمه الله - شرح الألفاظ الغريبة في الحديث : قوله ارتجس أي اضطرب وتحرك حتى سمع صوته ورعد رجاس كثير الصوت ، والموبذان قاضي المجوس ، وأشفى على الموت أي أشرف ، وتجلد أي تصبر وأظهر الجلادة من نفسه ، والغطريف السيد ، وفاز أي مات ، وروي فاد بالدال ومعناه مات أيضا ، فاز لم أي قبض ، وشا والعنن الشأو السباق ، والعنن الموت يريد عرض له الموت فقبضه ، قال أهل اللغة عن لي كذا أي عرض ، أعيت من ومن أي أعيت فلانا وفلانا .
وفي رواية :
فضفاض الرداء والبدن رسول قيل العجم يسري للوسن
لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن يجوب في الأرض علنداة شزن
يرفعني وجن ويهوى بي وجن حتى أتى عاري الجآجي والقطن
يلفه في الريح بوغاء الدمن الفضفاض الواسع وسعة الرداء والبدن كناية عن سعة الصدر وكثرة العطاء قال الشاعر :
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا علقت لضحكته رقاب المال
وقال :
معي كل فضفاض القميص كأنه إذا ما سرى فيه المدام فنيق
[ ص: 137 ] وقوله للوسن يعني للرؤيا التي رآها ، والقيل الملك ، يجوب يقطع ، علنداة صلبة ، شزن أي قد أعي من الحفاء يقال شزن البعير شزنا فهو شزن . وقيل الشزن الذي يمشي في شق ويقال بات فلان على شزن أي على قلق يتقلب من جنب إلى جنب ، قال ابن هرمة ، إلا تقلب مكروب على شزن كما تقلب تحت القرة الصرد ، وقوله يرفعني وجن الوجن جمع وجين وهي الأرض الغليظة يقول لم يزل هذا البعير يرفعني مرة ويخفضني أخرى ، والجآجئ عظام الصدر والقطن ما بين الوركين يقول إن السير قد هزلها وأخذ من لحمها حتى عرى منه وبدت عظامه ، والبوغاء دقاق التراب ، وقوله بهم الناب كذا في الكتاب . وفي رواية مهم الناب بالميم وكأن معناه تام السن ولست أقف على حقيقته ، والضريح القبر ، وأوفى أشرف ، وفاض كثر ماؤه ، وصاحب الهراوة يعني النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسك بيده كثيرا قضيبا أو غصن نخل وكان يمشي بالعصا بين يديه ويغرز له فيصلي إليه ويحمل معه إذا ذهب لقضاء حاجته فكان يخدش به الأرض الصلبة لئلا يترشش عليه البول إذا بال ، وفي رواية عبد المسيح على جمل مشيح ، المشيح الجاد .